إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
178252 مشاهدة
طَلَبُ الدَّيْن سلما أو أمانة أو عينا مغصوبة أو عارية

ولو جعل دينا سلما لم يصح وأمانة أو عينا مغصوبة أو عارية يصح؛ لأنه في معنى القبض.


صورة ذلك: إذا قال: عندك لي مائة وخمسون ريالا، وأنت الآن تزرع، مائة وخمسون ريالا اللي في ذمتك أشتري بها مائة صاع من زرعك بعدما تزرع، فيكون رأس المال دينا في ذمة المشتري، دينا في ذمة المدين، والآصع دين أيضا، فيكون هذا بيع دين بدين.
معلوم مثلا أن السلم غائب؛ وذلك لأنه ثمن لشيء غائب .. زرع؛ إنما يريد أن يزرع، وإذا زرع وحصد أعطاك مثلًا مائتين، وعنده لك دين أربعمائة، فعند ذاك يقول مثلا: الدين الذي في ذمتك أربعمائة أشتري به من زرعك إذا حصدت مائتي صاع، فهل يجوز هذا؟ أو لا يجوز؟ لا يجوز؛ لأن هذا بيع دين بدين، الدين غائب والآصع غائبة؛ فلذلك لا بد أن يكون أحد العوضين حاضرا.
أما لو قال: عندك لي أمانة في صندوقك، الذي في صندوقك أمانتي التي هي مثلا: مائة أو ألف أشتري بها في ذمتك مثلا: مائة صاع أو مائتان، الأمانة التي في صندوقك لي أجعلها رأس مال سلم، يجوز ذلك؛ وذلك لأنها مقبوضة، كأنها مقبوضة ولو لم تكن في مجلس العقد يعني: أن البائع الذي هو المسلم إليه كأنه يقبضها الآن، عنده أمانة لك فقلت: أمانتي التي عندك سأجعلها رأس مال لسلم في بر مثلًا أو في رز أو في زبيب مثلا فيقول: قبلت، هذا مثال الأمانة.
وكذلك مثال المغصوب، فيقول مثلا: أنت غصبتني مائة ريال، يقول: نعم مائة ريال غصبتك، وهي موجودة معي في صندوقي الآن أو في جيبي، فيقول: مائة الريال التي في ذمتك أو التي عندك أمانة لي مغصوبة أشتري بها منك خمسين صاعا دينا سلما، عند الحصاد تسلمها لي، يجوز ذلك؛ لأنها في معنى المقبوض؛ لأنه ما دام أنه اعترف بها فكأنه أقر لك بأن تعطيه، يعني أو تسمح له بهذه المغصوبة؛ حتى تكون له حلالا، ثم بعد ذلك بعدما يحل الأجل يعطيك ما اشتريت منه دينا دين سلم.
أسئـلة
أو عارية.
العارية يمكن أن تكون رأس مال سلم وممكن أن لا تكون؛ لأن الأصل -غالبا- أن رأس مال السلم يكون من النقود، ومعلوم أن النقود لا تعار؛ لأن العارية ينتفع بها مع بقاء عينها ثم يردها؛ ولكن قد يجوز جعل العارية رأس مال سلم إذا لم تكن من النقود -يعني- مثلا استعار منك ثيابا يلبسها أو أحذية أو كتبا يقرأ فيها ثم طالبته بعاريتك فقال: العارية عندي؛ ولكن قدر ثمنها، وخذ مني سلما من بر أو من رز أو نحو ذلك عوضها، واجعلها رأس مال سلم، فتقول: هذه العارية التي هي الثوب أو الحذاء أو القِدر أو الكتاب أو الصحن قيمتها عشرة، أشتري بها منك سلما مثلا خمسة أصوع من بر عند الحصاد، فيكون قد جعل العارية بعدما قدر ثمنها جعلها رأس مال سلم، ويمكن أن يكون رأس مال السلم عرضا، كأن يقول: الثوب الذي استعرته مني بعني فيه من زرعك، فيقول: بعتك من زرعي بالثوب الذي استعرته منك خمسة آصع أو عشرة، فيكون كأنه جعل الثياب ونحوها رأس مال سلم، والثياب يجوز أخذ العوض عليها، استعار منك ثيابا يلبسها يتجمل بها، وكأنه ليس ما .. يجعلها أو يستعملها، فاتفقتم أن هذا الثوب قيمته مثلا ثلاثون، وهو موجود عندك أو عليك، فأشتري بثمنه في ذمتك عند الحصاد أو عند الجذاذ مائة صاع أو خمسين أو عشرة، هذا صفة العارية. نعم.
س: يا شيخ: هل هذه أليست عينًا مقصودة؟ .. قصدنا مائة وخمسين ريالا وجعلها رأس ماله مثلا هذه عين مقصودة أم دين؟
هي تعتبر كأنها موجودة عنده قال مثلا: وصلك ثلاثمائة ريال هي الآن معي إما في جيبي وإما في متجري، فهي موجودة، الثمن المقابل قد استهلكه ولم يعد عنده، فلا يصح جعل هذا ثمنًا، أما إذا كانت موجودة عنده، يقول الآن هو موجود، ما بقي إلا أن أسلمه لك، فإنه يعتبر يجوز جعله رأس مال سلم.
س: عين مقصودة أو عارية يصح .. أليست هي عين يعني من باب العون؟
الدين مستهلك، .. أما إذا كان قد استهلكه أكله أنفقه بنى به بيتا أو ما أشبه ذلك، فلا يصح جعلها رأس مال سلم؛ لأنه ما يقبله، أما إذا جمع الدين فجعلها في صندوقه موجود يصح جعلها رأس مال سلم، وكذلك الأمانة، وكذلك العارية معروفة، وكذلك المغصوب إذا عينه ورده وقال: عينك المغصوبة موجودة عندي نعم.
س: إذا علم بأن المال هذا الثمن مغصوب من شخص آخر يجوز أن يستلمه ...؟
لا يجوز .. المغصوب لا يمكن تجعلها رأس مال، لكن مثلا غصبت منه مائة ريال قال نعم موجودة عندي قلت مثلًا: مائة ريال أشتريها منك من زرعك عشرين أو خمسين صاعا سلم هذا لا يصح إذا غصب من غيرك مثلا ثوبا أو قدرا فلا يجوز لك أن تستحله ولا تأخذ عوضه.
س: مسألة .. قال المحشي: وهذه مسألة ..؟
يعني كأنه يقول: أسقطت الذي في ذمتك وجعلته رأس مال سلم، وأما إذا قال: أسقطت المغصوب فلا بأس.