إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
178139 مشاهدة
إذا استثنى مجهولا من معلوم

أو باعه بمائة درهم إلا دينارا لم يصح وعكسه بأن باع بدينار أو دنانير إلا درهما لم يصح؛ لأن قيمة المستثنى مجهولة، فيلزم الجهل بالثمن إذ استثناء المجهول من المعلوم يصيره مجهولا .


إذا قالوا مثلا بمائة درهم إلا دينارا، مائة الدرهم معلومة ولكن المستثنى دينار، والدينار قد يكون مجهول مقداره، قد لا يدرون هل الدينار عشرة دراهم أو اثنا عشر درهما أو تسعة دراهم أو خمسة عشر، فيكون المستثنى مجهولا فيصير المستثنى منه مجهولا، لا يدرى هل الباقي مثلا خمسة وثمانون أو ثمانية وثمانون أو تسعون، لا يدرى الباقي مجهول بعتك بمائة درهم إلا دينارا يعني نقصا من هذه الدراهم دينارا، والدينار صرفه يختلف، تارة يكون خمسة عشر درهما و تارة يكون عشرة وتارة اثني عشر وتارة ثمانية، هذا معنى استثناء الدينار من الدراهم يصيره مجهولا.
وكذلك عكسه بمائة دينار إلا درهما، والدرهم أيضا مجهول نسبته إلى الدنانير. هل الدرهم ثلث الخمس أو الدرهم نصف السدس أو الدرهم عشر الدينار، مجهول صرفه يختلف. فإذا قال: بمائة دينار إلا درهما، ففي هذه الحال الدرهم مجهول فيكون المبيع مجهول؛ وذلك لأنه كما عللوا استثناء المعلوم من المجهول يصيره مجهول، أو استثناء المجهول من المعلوم يصير المعلوم مجهولا، وهاهنا استثنى الدينار ولا ندري ما قيمته من الدراهم هل هي خمسة عشر أو عشرة، وكذلك استثنى الدرهم من الدينار لو قال: بعتك شاة بدينار إلا درهما. فالدينار معروف قطعة من ذهب، ولكن الدرهم قطعة من فضة ولكن ما ندري كم تساوي من الدينار. إن كان صرف الدينار اثني عشر فالدرهم نصف السدس، إذا كان صرف الدينار عشرة دراهم الواحد يساوي عُشْر فكأنه قال: بدينار إلا عشر، وإن كان الدينار يساوي اثني عشر من الدراهم، فالدرهم الواحد يصير نصف السدس، وإن كان الدينار خمسة عشر فإن الدرهم يساوي ثلث الخمس.
فالحاصل أنه مجهول، فيكون استثناء شيء معلوم استثناء معلومه ولكن قيمته مجهولة فيصيره مجهولا، استثناء المجهول من المعلوم يصيره مجهولا، إذا علم إذا سألوا في ذلك الوقت كم صرفه؟ قالوا: صرفه اثنا عشر فأصبح الدرهم نصف السدس أصبح معلوما فيصح كأنه قال: بعتك بدينار إلا نصف السدس. نعم.