إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
178276 مشاهدة
اشتراط ذكر مكان الوفاء

ولا يشترط ذكر مكان الوفاء؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- لم يذكره، بل يجب الوفاء موضع العقد؛ لأن العقد يقتضي التسليم في مكانه، وله أخذه في غيره إن رضيا ولو قال: خذه وأجرة حمله إلى موضع الوفاء لم يجز.


الوفاء يكون في مكان العقد فإذا تعاقدا مثلا في الرياض فإنه يوفيه في الرياض يأتي بالبر مثلا أو التمر إليه في المكان الذي تعاقدا فيه في البيت، ولو طلبه منه في غيره لم يجز، فلو جاءك في مكة وقد حل دين السلم وقال: أوفني ديني بهذا السلم الذي في ذمتك أوفني في مكة ؛ لأنه هناك موسم، لا يلزمه؛ وذلك لأنه إنما يلزمه أن يوفيه في مكان العقد، فكونك تكلفه أن يحمله لك مثلا إلى مكة أو إلى الطائف أو نحو ذلك هذا فيه ضرر. فالأصل أن السلم يكون وفاؤه في موضعهما الذي تعاقدا فيه. نعم.
أما إذا قال: إذا جاءك به في مكة وقال: خذه، خذه. قلت أنت: أنا ما أريده بمكة أنا أحتاجه في الرياض حتى أصرفه هناك عندي هناك مستودع، عندي مثلا زبائن، فلا يضرك أن تأخذه بمكة فلو قال: خذه وأجرة حمله، أعطيكه وأعطيك أجرة حمله إلى الرياض لم يلزمك، إن أخذته فلا بأس، وإن لم تأخذه فلا يلزمك... الأصل أنه يوفيك في محلك تراضوا لا بأس.. قلنا ما يلزم .. لم يلزم، بعض السلف هو الأجرة أجرة نقله.