عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
178035 مشاهدة
من شروط البيع التراضي

بسم الله الرحمن الرحيم. قال الشارح رحمه الله تعالى: ويشترط للبيع سبعة شروط ؛ أحدها: التراضي منهما أي من المتعاقدين فلا يصح البيع من مكره بلا حق لقوله -عليه الصلاة والسلام- إنما البيع عن تراض رواه ابن حبان فإن أكرهه الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه صح لأنه حمل عليه بحق وإن أكره على وزن مال فباع ملكه كره الشراء منه وصح .


بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد .للبيع سبعة شروط, هذا الشرط الأول منها, وهو: أن يكون البائعان متراضيين فيخرج بذلك من أُكْرِه على البيع, أو مَن أُكره على الشراء, فإن ذلك لا يصح, سواء أُكره على البيع بغير حق, أو أكره على الشراء بغير حق. دليل التراضي هذا الحديث إنما البيع عن تراض وقوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ أي: أن تبادل التجارة يكون بعد التراضي من المتبايعين أن يرضى البائع بالبيع ويرضى المشتري بالشراء، فإذا حصل عدم التراضي لم ينعقد البيع وذلك لأنه لم تطب نفسه بالمال, وفي الحديث لا يحل مال امرئ إلا عن طيب نفس منه فالبائع إذا أُكره ما طابت نفسه بهذه السلعة, والمشتري إذا أكره ما طابت نفسه بهذا الثمن, فيكون المال المبذول محرما لوجود الإكراه بغير حق. كذلك استثنوا إذا كان الإكراه بحق، وصورة ذلك: إذا حل الدين وامتنع المدين من الوفاء, فإن الحاكم يكرهه على أن يبيع من ماله ما يوفي به دينه, وذلك لأن الدَّيْن تَعَلَّق بالذمة, ولأن المدين عنده وفاء, قادر على أن يوفي, فيكرهه, ويلزمه بأن يبيع من ماله ما يستغني عنه حتى يوفي دينه, ولو لم يرض, وفي هذه الحال يصح الشراء منه.. مَن اشترى منه فشراؤه صحيح؛ لأن الحاكم قام مقامه في البيع, ولأنه ما أكرهه إلا على حق.
وقوله: إذا أكره على وزن مال فباع ماله كُرِهَ الشراء منه, صورة ذلك: إذا فُرِض عليه فرض, إذا فرض عليه الحاكم فرضا كجزاء أو نكال.. أمر ألزمه به، قال: يلزمك أن تدفع ألفا, أو تدفع مائة ألف, ولا نعفيك إلا إذا دفعته, نكالا مثلا, أو جزاء, ثم إنه اضطر إلى أن يبيع أملاكه, يبيع قطع الأرض التي عنده مثلا وهو كاره أو يبيع أمتعة بيته مثلا كفرشه وسرجه ولحفه وما يملكه, عرضه للبيع وهو كاره, لأنه ملزم بأن يوفي هذه الضريبة فما حكم الشراء منه؟
يقولون: يكره, وذلك لأن نفسه ما طابت بهذا المال. أولا: الضريبة هذه قد تكون ظلما, وقد تكون بغير حق. وثانيا: نفسه متعلقة بأعيان هذه الأموال التي باعها, نفسه متعلقة بهذه الدار التي باعها, أو بهذه السيارة, أو بهذه الفرس مثلا, أو بهذه الأواني والأدوات, فيكره الشراء منه لعدم طيب نفسه, وفي الحديث لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه هكذا عللوا.
والقول الثاني: أنه يصح الشراء منه, ولعله الأقرب والأصوب؛ وذلك لأنا إذا قلنا: لا تَشْتَرِ منه, فإنه سيزيد تنكيله, وسيدخل في السجون؛ وسوف يتولى الحاكم مثلا بيع ماله, وربما يبيعه برخص, وربما يأخذها بنصف الثمن, أو بربع الثمن, فيتضرر. فإذا قلنا: لكم أن تشتروا منه بلا كراهة صح ذلك, وإذا اشتروا منه فإنهم سيأخذون السلع منه بقيمتها, أو بمثل الثمن, فلا يكون عليه ضرر، بخلاف ما إذا قلنا: لا تشتروا منه. فعرضت سلعته ولم يشتر منها أحد, فربما يببيعونها على بعضها بربع قيمتها فيتضرر، أما إذا قلنا لكم: إنكم تشترون فإن هذا سوف يسومها, وسوف يسوم فعند ذلك تباع بما يقارب القيمة.