اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
178239 مشاهدة
إذا قال: أبيعك بما باع به زيد وجهلاه أو أحدهما

أو باعه بما باع به زيد وجهلاه أو جهله أحدهما لم يصح البيع للجهل بالثمن. وكذا لو باعه كما يبيع الناس أو بدينار أو درهم مطلق وثم نقود متساوية رواجا.


قوله: بما باع به زيد، إن قال مثلا: عندي هذه الثياب وهذه الأكياس أبيعكها عشرة ثياب وعشرة أكياس، وقد باع جنسها زيد، ولكني لا أدري كم باع به؟ جنس هذا الثياب سواء، وجنس هذه الأكياس مثلها سواء؛ دخل بها زيد الأسواق وباعها ولا أدري، فخذها بالثمن الذي باع به زيد، ثم قدر أنهما لم يجدا زيدا، وسألا كم باع به زيد؟ فاختلف الناس، إما أنهم قالوا: لا نعرف زيدا، وإما أنهم اختلفوا، قال بعضهم: باع الكيس بمائة، قال بعضهم: بمائتين، قال بعضهم: بخمسين، حصل الاختلاف، ففي هذه الحال البيع غير صحيح، فلا بد من تجديد العقد؛ لا بد أن يتفقا على تجديد عقد المستقبل، ويقول: أكياسك وثيابك لك ولا تزال على نصيبك، ويجدد العقد الآن بعقد صحيح كأن هذه لم تكن، فإذا كان مثلا المشتري قد أتلفها؛ قد فرق الأكياس وقد أكل منها مثلا فإنها تقدر بقيمة مثلها وقت الاختلاف، هذا إذا كان البيع بمثل ما باع به زيد وجهلاه أو جهله أحدهما ولم يصدق الآخر في قوله. إذا قال مثلا البائع: زيد باع بمائة، فقال المشتري: ما أظنه، وأجهل كم باع به فإن الحكم كما ذكر، لا يصح البيع حتى يعلماه جميعا ويتفقا عليه، أو حتى يجددا العقد.