لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
178200 مشاهدة
عدم توقف الفسخ في خيار العيب على رضا البائع أو حضوره

ولا يحتاج العيب إلى حكم ولا رضا ولا حضور صاحبه أي: البائع كالطلاق.


إذا كان للمشتري الخيار فإن له أن يفسخ البيع ويشهد عليه. يشهد أن هذه السلعة اشتريتها من فلان ولا أريدها، وقد فسخت البيع. جاء بها إلى دكانه، فلم يجده، فردها إلى خادمه، وأشهده على أنه ردها. انفسخ البيع ولو لم يحضر البائع، ولا يحتاج إلى حكم حاكم؛ وذلك لأن العيب ثابت، فلا يحتاج إلى أن يحكم الحاكم بثبوته؛ لأن العيوب معروفة. يعرفها الناس بالتجربة وبالاطلاع. يعرفون أن هذا عيب ثابت.
وكذلك أيضا لو سخط البائع الرد لا يعتبر رضاه. يقال: يلزمه قبول هذه السلعة التي باعها معيبة، ولا يشترط أن يرضى بالرد. إن اشتريت مثلا سلعة ووجدتها معيبة، فردها ولو سخط. كثيرا ما يحصل في الأواني كسور مثل: الفناجيل والجيالات يشترى كرتون، وعندما يزال الغلاف يوجد متكسرا أو بعضه أو جزء منه، فله أن يرده ويأخذ الثمن. وكذلك أيضا الكاسات. كاسات الزجاج قد يكون فيها تصدع. وكذلك العلب التي تستعمل أيضا للشرب إذا كان فيها أيضا تصدع أو فيها خروق. فالحاصل أنه يلزمه أن يأخذها، وله أن يردها بدون حكم حاكم. نعم.
إذا جاء ولم يجده ووجد خادمه...