إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
178286 مشاهدة
ما لا يثبت فيه خيار الشرط

ولا يثبت خيار الشرط في غير ما ذكر كصرف وسلم وضمان وكفالة.


لا يصح في الصرف. لماذا؟ لأن الصرف يشترط فيه أن يكون يدا بيد. الصرف بيع نقد بنقد، ولا بد فيه من التقابض قبل التفرق، وشرط الخيار فيه تفرق. خيار الشرط؛ لأن به يشترط الخيار مدة معلومة. فإذا قال مثلا: اصرف لي هذا الجنيه، فقال: بخمسمائة، فقال: سأعطيك الجنيه وآخذ الخمسمائة، ولي الخيار يوما أو يومين. ما يجوز الصرف لا بد أن يكون مجزوما به، وأن يكون يدا بيد، ولا يصح الرد فيه. هذا الصرف.
وأما السلم، فالسلم عندهم أيضا لا بد أن يكون مقبوضا ثمنه في مجلس العقد تعريفه عندهم يقولون: هو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض بمجلس العقد. فلما كان مؤجلا، فإن مضي كل يوم يقرب الأجل. فضلا عن مضي شهر. فإذا قال: اشتريت منك مائة كيس. كل كيس عشرين صاعا من البر الذي نوعه كذا. تسلمه لي في شهر صفر، وخذ ثمنه مقدما، ولي الخيار مدة شهر. فمثل هذا إذا مضى الشهر قرب الأجل. لا يصح؛ لأنه ينتفع هذا بهذا، وينتفع هذا بهذا، فيتضرر صاحب الدراهم مثلا حيث إن هذا ينتفع بدراهمه، ثم يردها عليه، ويقول: دراهمك خذها، والبر لي، وليس بيننا بيع. الصرف والسلم.أيش بعد هذا؟
أما الضمان، فإنه تبرع أيضا، وكذلك الكفالة. الضامن متبرع بضمان هذا المدين. وإذا تبرع فإنه يترتب على ضمانه إثبات الحق لمستحقه. فصاحب الحق يقول: أنا ما تركت هذا يذهب إلا لأنك ضمنت لي ديني، أو كفلت لي إحضار غريمي، فكيف تشترط خيارا؛ لأن الغريم يذهب، ولا نجد غيرك، فلا يجوز. نعم.