إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
304735 مشاهدة print word pdf
line-top
المدة القصيرة الغالب أنه لا وقع لها

بسم الله الرحمن الرحيم. قال الشارح -رحمه الله تعالى- الشرط الرابع: ذكر أجل معلوم للحديث السابق ولأن الحلول يخرجه عن اسمه ومعناه ويعتبر أن يكون الأجل له وقع في الثمن عادة كشهر، فلا يصح السلم إن أسلم حالا لما سبق .


بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد تقدم تعريف السلم قال: وهو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض بمجلس العقد، ذكروا في تعريفه (مؤجل)، ومنهم من عَرَّفه بأنه: بيع عُجل ثمنه وأُجل مثمنه، فعجل الثمن وأجل المثمن المبيع، فلا بد أن يكون مؤجلا.
تقدم الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: من أسلم في شيء فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم فاشترط أن يكون إلى أجل، وقد قال ابن عباس أشهد أن السلم مذكور في القرآن، قول الله تعالى: إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ فاستنبط أن من الدين دين السلم، وأنه يكون إلى أجل مسمى. ثم لا بد أن يكون ذلك الأَجَل له وقْع في الثمن، ومعناه: يُزاد فيه لأَجْل ذلك الأَجَل؛ وذلك لأنك إذا اشتريته وهو غائب فلا تشتريه بثمن الحاضر بل بأقل، مثاله: إذا اشتريت في ذمة رجل مائة صاع يسلمها بعد نصف سنة، فإنك لا تشتريها بثمن الحال إذا أردت مثلا أن تشتري منه مائتين؛ مائة حالَّة حاضرة يسلمها لك الآن، ومائة غائبة يسلمها بعد ستة أشهر، فلا يكون الثمن متساويا، فهو يبيعك مائة صاع نقدا حاضرة بثمن حاضر، كل صاع مثلا بخمسة، ويبيعك مائة صاع غائبة بعد ستة أشهر؛ كل صاع بثلاثة، فهذا الفرق يعني: اشتريتها رخيصة وذلك لأنك ما قبضتها في المجلس؛ سلمت الثمن وتأخر المثمن فلا يأتيك إلا بعد نصف سنة أو نحوها؛ فلأجل ذلك هو بحاجة إلى هذه الدراهم يشتري بها مثلا حاجات لأهله، بحاجة إلى الدراهم وأنت مستغن عنها الآن وتريد أن تشتري بها برا مؤجلا رخيصا إذا قبضته مثلا بعد ستة أشهر تبيعه بفائدة فتربح بهذه، اشتريته مثلا مائة صاع بثلاثمائة ريال اشتريتها بعد ستة أشهر بعتها بخمسمائة ريال فربحت في هذه المدة مائتين أو أكثر مثلا، اشتريت منه مائتين مائة نقدتها ونقَدَها لك، يدا بيد، كل صاع بخمسة، مائة صاع بخمسمائة ريال، ومائة غائبة كل صاع بثلاثة أي: بثلاثمائة، فانتفعت بالتي اشتريتها نقدا وصرفتها، وأما التي لم تستلمها فإنك لم تنتفع بها، انتفع هو بدراهمك، فإذا جاء الأجل بعد ستة أشهر سلمك البر، وأتى تبيعه بذلك ..بما يناسبك، فهذه الستة أشهر لها وقع في الثمن، والخمسة لها وقع في الثمن، والشهر له وقع في الثمن.
وأما المدة القصيرة فالغالب أنه لا وقع لها، وذلك لأنه إذا قال مثلا: مؤجلة إلى خمسة أيام، خمسة أيام ما هناك فرق يتسامح الناس مثلا في الثمن، كثيرا ما تبيع الثوبين بثمن واحد؛ أحدهما: ثمنه نقد والثاني: بعد خمسة أيام أو بعد عشرة أيام ولا فرق، إذا جاءك إنسان وقال: أريد ثوبين أحدهما ثمنه معي والآخر ثمنه آتي به بعد أسبوع، الثوب مثلا بعشرين، فالأصل أنك واثق بأنه سوف يأتيك بعد عشرة أيام أو بعد أسبوع، لا تزيد عليه لا يستحق زيادة مقابل أسبوع، فتجعل الثمنين واحدا كل ثوب بعشرة أو بعشرين، بخلاف ما إذا قال: أحد الثوبين بعد شهرين والآخر ثمنه حاضر، فالذي ثمنه حاضر تقول: بعشرين، والذي ثمنه بعد شهرين تقول: باثنين وعشرين أو بخمسة وعشرين، هذه الزيادة مقابل الأجل، لو كان الثمن موجودا معي لانتفعت به وتصرفت فيه وربحت فيه، فإذا كان غائبا فإني أزيد فيه مقابل الأجل، فهذا معنى قوله: له واقع في الثمن كشهر. نعم.

line-bottom