الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
حوار في الاعتكاف
51055 مشاهدة
حوار في الاعتكاف

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل في محكم التنزيل: أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ والصلاة والسلام على من اعتكف هو وأصحابه وأزواجه من بعده وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
أيها المسلمون والمسلمات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهنئكم جميعا بدخول شهر رمضان المبارك، وإن من دواعي السرور والفرحة ودوافع المحبة أن نلتقي سويا في هذه اللحظة المباركة التي فيها فرصة طيبة بتقوية صلتكم جميعا بربكم جل وعلا، وبتقربكم إلى الله سبحانه بأفضل الأعمال فما فاز إلا العاملون المخلصون فالمسلم يكون نهازا لاغتنام الطاعات حريصا على اكتساب الحسنات سباقا لفعل القربات لأن كل لحظة ترحل هي جزء من عمره، وسوف يندم حين لا ينفع الندم.
إن البعض من المسلمين اليوم منشغلون بهذه الدنيا فلا تفكر ولا اعتبار، لكن مع هذا الله سبحانه يمتن على عباده ليهيئ لهم فرص الطاعات لتزكو بها نفوسهم، وتصفو بها قلوبهم ويحطوا بها من خطاياهم، فيرقوا بها إلى أعلى الدرجات، فعلى كل مسلم ومسلمة أن يأخذ من صحته لسقمه، ومن فراغه لشغله، ومن حياته لموته حتى يفوز برضا الله، وما فاز بها إلا العاملون المخلصون، فيا سعادة من اجتهد في هذا الشهر العظيم فعرف قيمة زمانه وشرف وقته فلا يدري هل يصوم هذا الشهر في السنة القادمة أم لا لأن هذه النفس لا تدري ماذا تكسب غدًا وليتذكر كل منا تلك الوصية العظيمة: إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح الله أكبر هل عرفنا هذا وعملنا به أيها الأحباب؟
إخواني وأخواتي في الله: إن عبادتيْ الصوم والاعتكاف شرعتا من أجل هدف عظيم وغاية كبرى غابت عن أكثر الناس. فهذا الاعتكاف هجره عامة الناس فلا يفعله إلا القليل وحتى هذا القليل بحاجة إلى أن يتدبر معاني هذه الشعيرة ويتأمل أحكامها وأسرارها، فشرع الاعتكاف الذي حقيقته عكوف القلب على الله تعالى وإخلاصه له، والانقطاع عن أمور الدنيا ليجمع بين الانقطاع عن النـاس وعن شهواته حتى يحصل بعد ذلك على تزكية نفسه وتطهيرها من الذنوب والآثام.
إن الاعتكاف كان قبل الرسالة فكان -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في الغار ولما سطع نور الإسلام واستقرت تعاليمه وأحكامه وجه الله سبحانه وتعالى نبيه إذا أراد الخلوة به أمره أن يكون في المسجد لا غيره، فقد قالت السيدة صفية رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفا في المسجد في العشر الأواخر من رمضان... .
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل... لذا فما أحوجنا إلى إحياء هذه السنة وإقامتها والتواصي بها وملازمتها على الوجه الصحيح الذي كان عليه رسولنا صلى الله عليه وسلم.
ورد من حديث كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال بن الحارث اعلم. قال: وما أعلم يا رسول الله؟ قال: إنه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا .
رضي الله عن أزواجه وأصحابه من بعده الذين أحيوا هذه السنة وقاموا بعبادة ربهم حتى إن البعض منهم تعجب فقال: عجبا للمسلمين تركوا الاعتكاف والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتركه منذ دخل المدينة حتى قبضه الله تعالى.
وحديثي هذا إنما هو للتذكرة وشحذ الهمم وحث الخطى فما ذكر قليل من كثير، فما حالنا اليوم هل يكون هذا حافزا لنا على طاعة الله ورسوله.
فمن أجل إحياء هذه السنة ونشرها بين المسلمين استعنت بالله فكتبت هذه الأسئلة لأن الحاجة في زمننا الحاضر دعت إليها ثم عرضتها على فضيلة الوالد الشيخ الدكتور/ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله من كل سوء ونفع بعلمه الإسلام والمسلمين في كل مكان فاستجاب جزاه الله خيرا على الرغم من كثرة أعماله وضيق وقته. وفق الله الجميع لما يرضيه وجنبنا وإياكم سخطه ومناهيه.
والله تعالى أسأل أن يجعل هذه الرسالة لإخواني المسلمين نافعة ولوجهه الكريم خالصة وألا يحرمني من دعوات الصالحين وترحمات المؤمنين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أعدها ورتبها
أبو محمد سالم بن حمد الجهني
المملكة العربية السعودية
القصيم - الرس / ص ب- 231




بسم الله الرحمن الرحيم