إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
309465 مشاهدة print word pdf
line-top
القول للقابض في المال الثابت في الذمة

إلا في خيار شرط فقول مشترٍ وقول قابض ثابت في ذمة من ثمن وقرض وسلم ونحوه إن لم يخرج عن يده، وقول مشتر في عيب ثمن معين بعقد.


فهذه أيضا ما يقبل فيها قول أحد المتبايعين. القابض هو المستلم الذي يستلم الشيء، فيقبل قوله. وقول قابض لشيء ثابت في الذمة كثمن المبيع والقرض والسلم والدين وما أشبهه. هذه الأشياء ثابتة في الذمة.
فإذا مثلا جاءك الذي في ذمته لك قرض. بأن كان قد أقبضك عشرة آصع مثلا من بر، فأعطيته كيسا وقلت: هذا فيه عشرة آصع، ثم إنه ذهب به فوجده فاسدا، فالقول قوله؛ القول قوله؛ لأنه قابض لشيء ثابت في الذمة. القرض ثابت في الذمة. وهكذا مثلا لو باعك إنسان شاة بمائة، ثم إن الثمن ثبت في ذمتك، فقبض الثمن، وبعدما قبضه؛ قبضه مجملا، وجد فيه نقصا أو وجده مغشوشا. وجد الدراهم مغشوشة، فله رده بالعيب، وعليه اليمين. تُقدم يمينه على يمين الدافع.
ومثله دين السلم؛ السلم هو الذي عجل ثمنه، وأجل مثمنه. فإذا أسلم إليك إنسان في بر أو في ذرة أو في تمر، ثم جاء وقبضه، وبعدما حازه وجده فاسدا. فإن له رده، وله أن يحلف أنه فاسد قبل قبضه. وهكذا كل شيء ثابت في الذمة مثل: الرهن الذي هو عند المرتهن، ثم قبضه صاحبه فوجده متغيرا أو معيبا، ومثل الدية؛ إذا قبض قسطا منه فوجده معيبا، ومثل عوض الصلح، ومثل أجرة الدار؛ إذا قبضها من المستأجر فوجدها فاسدة أو ناقصة، فالقول قول القابض؛ وذلك لأنه صاحب اليد. والأصل أن القبض إنما يكون للشيء الكامل، والأصل أن المفقود غير مقبوض. أنه باق عند الأول. الأصل عدم القبض في الجزء الفائت كما تقدم.
هذا في معنى قوله: وقول قابض في ثابت في ذمة من ثمن وقرض وسلم ونحوه وإلا لم يخرج عن يده. أما إذا خرج عن يده فإن للبائع أو للدافع أن يطلب اليمين، ولا يَقبل يمينه؛ لأنه فرط بعدم إمساكه. قبض الثمن مثلا وأعطاه خادما، وهذا الخادم قد يكون أفسده مثلا أو غيره أو مزقه أو نحو ذلك، فللدافع أن يطالب برده سالما، أو أن يحلف أنه دفعه سالما غير معيب.

line-bottom