إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
309180 مشاهدة print word pdf
line-top
تعريف شرط البيع


قال الشارح رحمه الله تعالى: باب الشروط في البيع الشرط هنا إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد ما له فيه منفعة، ومحل المعتبر منها صلب العقد وهي ضربان. ذكر الأول منها في قوله: منها صحيح وهو ما وافق مقتضى العقد.


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد الشروط في البيع ما يشترطه أحد المتعاقدين على الآخر، إنما البائع يشترط، وإنما المشتري يشترط. والشرط في اللغة العلامة قال تعالى: فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا أي: علاماتها، والمراد هنا الاشتراطات التي يشترطها المتعاقدان.
البيع من العقود اللازمة، ولا بد أنه يكون لأحدهما غرض فيشترط على الآخر، كما أن النكاح من العقود اللازمة فكثيرا ما يشترط أحد الزوجين على الآخر شروطا يرى أن له فيها مصلحة.
عرَّفوه هنا بقولهم: إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد ما له فيه منفعة. المتعاقدان البائع والمشتري. قد يكون البائع هو الذي يُلزم المشتري، وقد يكون الأمر بالعكس، أن المشتري يُلزم البائع يشترط عليه شروطا.
فمثلا: إذا اشترط البائع أن يسكن البيت شهرا، يقول: أنا أبيعك بيتي ولكن في هذا الشهر ألتمس لي سكنا أو أنقل متاعي، فهذا شرط من البائع على المشتري، أو شرط مثلا البائع أن يركب البعير أو السيارة بعد شرائه لها إلى موضع معين، أو ينقل متاعه عليه يعني: السيارة مثلا، فهذا شرط من البائع.
المشتري قد يشترط أيضا شروطا كأن يشترط أوصافا في المبيع كما سيأتي، أو يشترط على البائع ويقول: بشرط أن تحمل الحطب معي إلى المكان الفلاني، بشرط أن تكسر الحطب، هذا الشرط من المشتري على البائع.
فالحاصل أنه إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد ما له فيه منفعة. لا يشترط إلا شيئا له فيه منفعة، فمنفعة البائع أن يسكن البيت مثلا أو يحمل على البعير، ومن منفعة المشتري أن يصل الحطب إلى داره أو يكسر هذا الحطب حتى يكون وقودا سهلا، أو مصلحته مثلا خياطة الثوب أو تفصيله أو تنظيفه وغسله مثلا.
ومثله أيضا اشتراط أهل السيارات أن يشترط على البائع إصلاح السيارة إذا خربت أو حصل فيها خلل في مدة سنة أو نصف سنة، فإن هذا شرط فيه مصلحة للمشتري.
وقد يكون فيه أيضا مصلحة للبائع، وهو إقبال الناس على شراء سلعه إذا عرفوا مثلا أنه سوف يصلح ما خرب منها؛ سيارات مثلا وماكينات وثلاجات وغسالات ومطابخ وما أشبه ذلك، إذا شرط أن علي إصلاحها لمدة سنة ما خرب منها، كان في هذا مصلحة.
وقولهم: إلزام أحد المتعاقدين، أن يلتزم العاقد للآخر أحدهما يلزم الآخر بسبب العقد ما له فيه منفعة. أي لا يجوز هذا العقد ما ألزمه فلا يلزم إلا ما يشتري منه.

line-bottom