لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
207821 مشاهدة
طلاق الناسي والمكره

وفي حديث ابن عباس مرفوعا: إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه رواه ابن ماجه .


قوله: (وفي حديث ابن عباس مرفوعًا: إن الله وضع عن أمتي إلخ):
وفي رواية: رفع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه يستشهد العلماء بهذا الحديث كثيرًا، وفي هذه الرواية ضعف، ولكن له متابعات وشواهد، ويؤيده أيضًا قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا البقرة: 286 وقوله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ النحل: 106 فهذه الأدلة
تفيد أنه يصدق في الخطأ، فإذا قال لزوجته مثلاَ: أنت طالق، وقال: أخطأت، أردت أن أقول: أنت طاهر، وقامت بذلك قرينة، فإن خطأ اللسان يعفى عنه.
وكذلك إذا تكلم بكلام وهو ناس، فإذا حلف مثلا بالطلاق على عدم فعل شيء ثم نسي وفعل ذلك الشيء وهو ناس، فإنه يعفى عنه على القول بأن الطلاق يقع.
وأما الاستكراه: فإذا أكرهه من هو قادر على تنفيذ ما هدده به، وقال له: إن لم تطلق زوجتك فإني سأقتلك، أو سأقطع لسانك، أو سأحبسك حبسًا مؤبدًا، فاضطر إلى الطلاق خوفًا من الحبس أو القتل وهو يعرف أن الذي أكرهه قادر، كأن يكون له ولاية وله سلطة؛ ففي هذه الحال لا يقع الطلاق مع الإكراه ؛ لأنه مغلوب على أمره.

ومن ذلك ما روي أن رجلاً رأى مكان عسل في وسط جبل له قمة طويلة، فصعد رأس الجبل هو وامرأته وقال: امسكي الحبل حتى أنزل وآخذ من العسل، فلما تدلى نحو باع أو باعين قالت له: إن لم تطلقني سأترك الحبل وألقيك، وعرف أنها صادقة وجادة، فتلفظ بالطلاق، وذهب إلى عمر-رضي الله عنه- وأخبره بالقصة فردها عليه وقال: أنت أملك بها وهي زوجتك؛ لأن هذا شبه إكراه؛ لأنها لو ألقته من قمة الجبل لمات!!