إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
207786 مشاهدة
القصد من المسابقة والمغالبة

[ باب: المسابقة والمغالبة ] .


[باب: المسابقة والمغالبة ]
هذا الباب يدخل فيه المسابقة على الخيل والمسابقة على الرمي والمسابقة على الإبل والمسابقة على الأقدام، وكذلك أيضا المسابقة بالمصارعة؛ أيهما يقوى فيصرع الآخر، وتسمى المغالبة، وفي هذه الأزمنة أيضا ما يسمى بالمباريات الرياضية.
والمسابقة والمغالبة القصد منها أصلا التمرن على القوة وعلى سرعة الجري؛ فيمرن الفرس على سرعة الجري، وكذلك يمرن البعير على سرعة السير وعلى قوته، وكذلك أيضا إذا هو سابق على قدميه يتمرن ويكتسب قوة بدنية، وكذلك إذا تسابقوا بالرمي أيهم يصيب الهدف، كما لو نصبوا هدفا ثم أخذوا يرمونه بالسهام، وقديما كان الرمي بالسهام التي تجعل في القوس، والآن يجعلونها بالرصاص والحكم واحد، فإذا نصبوا هدفا من أصابه يجعل له كذا وكذا من المال أو غيره؛ ففي هذه الحال يصح، ويكون له العوض، وذلك ليتدربوا.
وفي مثل هذا التدرب تقوية البدن على الطلب وعلى الهرب، وكذلك التقوية على إصابة الهدف، حتى إذا تقابل مع العدو فإذا هو قد عرف كيفية الرمي واستطاع أن يصيب من يرميه من العدو، ولا يصاب هو؛ فمثل هذا جائز وفيه منفعة، وقد تكلم عليه العلماء قديما، ومنهم ابن القيم في كتاب الفروسية فإنه تكلم على هذه المسابقات، وعلى ركوب الخيل وما أشبهها، والجري، وركوب الإبل، وما أشبه ذلك.