إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
207583 مشاهدة
أحكام العاصب

وحكم العاصب: أن يأخذ المال كله إذا انفرد، وإن كان معه صاحب فرض أخذ الباقي بعده، وإذا استغرقت الفروض التركة لم يبق للعاصب شيء، ولا يمكن أن تستغرق مع ابن الصلب، ولا مع الأب.


قوله: (وحكم العاصب: أن يأخذ المال كله إذا انفرد... إلخ):
العاصب أحكامه ثلاثة:
أولا: إذا انفرد حاز المال، فمثلا: إذا كان الميت ليس له إلا عمه أخو أبيه، فإنه يأخذ المال كله لأنه انفرد، أو ابن عمه أو أخوه أو ابن أخيه.
ثانيا: إذا كان معه أصحاب فروض أخذ ما يبقى بعدهم، مثاله: إذا كان الميت امرأة ولها زوج وأم وعم فنعطي الزوج النصف ونعطي الأم الثلث، ويبقى السدس فنعطيه للعم تعصيبا.
وهكذا لو لم يبق إلا أقله، فلو كان معنا أختان شقيقتان وزوجة وعم، الأختان الشقيقتان لهما الثلثان، ثمانية من اثني عشر، والزوجة لها الربع؛ ثلاثة من اثني عشر، فبقي واحد هو نصف السدس، يأخذه العم.
وهكذا لو كان عندنا بنتان للميت، وزوجة وأم وعم، فالبنتان لهما الثلثان؛ ستة عشر من أربعة وعشرين، والأم لها السدس، أربعة من أربعة وعشرين، هذه عشرون، والزوجة لها الثمن، ثلاثة من أربعة وعشرين، وبقي ثلث الثمن يأخذه العم الذي هو العاصب. فهو يأخذ ما بقي قل أم كثر.
ثالثا: إذا استفرقت الفروض التركة سقط، كما لو كان الميت امرأة ولها زوج وأم وأخت من الأم وعم، ففي هذه الحال نعطي الزوج النصف، وهو ثلاثة من ستة، ونعطي الأم الثلث، وهو اثنان، ونعطي الأخت من الأم السدس، والعم يسقط، لأن الفروض استغرقت التركة، ولم يبق للعم شيء؛ لأنه عاصب، والعاصب إنما يأخذ ما بقي بعد أهل الفروض.
قوله: (ولا يمكن أن تستغرق مع ابن الصلب، ولا مع الأب):
أما مع ابن الابن فقد تستغرق.
لماذا لا تستغرق مع الابن؟
الجواب: لأن الابن ينقص الزوج أو الزوجة، وينقص الأب والأم، ولا يرث مع الابن من أهل الفروض إلا الزوج أو الزوجة والأم والأب، ويسقط البنات أو يعصبهن، ويسقط أولاد الابن، ويسقط الإخوة، ويسقط الأخوات، ويسقط الأجداد والجدات.
فإذا كان معنا أب وأم وزوج وابن، فإن ما يبقى بعد الفروض للابن؛ لأن الزوج ليس له إلا الربع، أنقصه الابن، والأبوين لكل واحد منهما السدس؛ لقوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فيكون عندنا سدسان وربع، فتكون المسألة من اثني عشر، فربع الاثني عشر ثلاثة، وسدسها اثنان، وسدسها الثاني اثنان، ويبقى خمسة للابن.
كذلك الأب لا يسقط بحال، ولكن قد تستغرق الفروض التركة وتعول له المسألة، ونقول: تعول له لأنه وارث بكل حال، فلو فرضنا مثلا أن عندنا بنتين، وزوجا، وأما، وأبا، فالمسألة من اثني عشر؛ لأن الزوج لا يرث إلا الربع مع البنات؛ فالزوج له ثلاثة، والبنتان لهما ثمانية من اثني عشر، هذه أحد عشر، والأم لها اثنان، هذه ثلاثة عشر، فهكذا استغرقت. الفروض، فهل يسقط الأب؛ الجواب: لا يسقط الأب لأن الله تعالى جعل له فرضا لقوله: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ النساء: 11 فتعول المسألة إلى خمسة عشر.