يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
207589 مشاهدة
باب الإقرار


[باب الإقرار] وهو: اعتراف الإنسان بحق عليه، بكل لفظ دال على الإقرار، بشرط كون المقر مكلفًا.
وهو من أبلغ البينات.
ويدخل في جميع أبواب العلم من العبادات والمعاملات والأنكحة والجنايات وغيرها.
وفي الحديث: لا عذر لمن أقر .
ويجب على الإنسان: أن يعترف بجميع الحقوق التي عليه للآدميين ليخرج من التبعة بأداء أو استحلال. والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
علقه كاتبه الفقير إلى الله، الراجي منه أن يصلح دينه ودنياه: عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي، غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين، نقلته من الأصل، وتم النقل 3\ الحجة\ 1359 هـ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.


[ باب: الإقرار ]
باب الإقرار، وهو أيضًا من البينات.
قوله: (وهو: اعتراف الإنسان بحق عليه بكل لفظ دال على الإقرار):
يعني أن القاضي يحكم بالبينة، أو يحكم باليمين، أو يحكم بالإقرار، أي:
بالاعتراف، ولا عذر لمن أقر.
والإنسان واجب عليه أن يقر بالحق الذي عليه ولا يجوز له أن يجحده، فإن جحوده يعتبر إنكارًا لحق أو لأمر مستحق، ويعتبر ظلمًا فيجب على الإنسان أن يعترف بكل حق عليه، فإذا اعترف بكل لفظ دال على الإقرار قبل ذلك الإقرار منه.
قوله: (بشرط كون المقر مكلفًا، وهو من أبلغ البينات):
فإذا اعترف وهو مجنون، وقال مثلاً: أنا الذي قتلت فلانًا فلا يعتبر إقراره، أو قال: عندي له مائة أو ألف فلا يقبل ذلك منه؛ وذلك لأنه غير مكلف لا يقبل كلامه. وكذلك الصغير لا يقبل اعترافه إذا اعترف أنه أتلف كذا وكذا.
والحاصل أن الإقرار من أقوى البينات ومن أبلغها.
وللقاضي أن يحكم بالإقرار على من أقر ويقول: لا عذر لك في إقرارك.
قوله: (ويدخل في جميع أبواب العلم من العبادات والمعاملات والأنكحة والجنايات وغيرها، وفي الحديث: لا عذر لمن أقر ):
فالإقرار يدخل في جميع أبواب العلم، يعني: إذا أقر واعترف بأنه قد عرف كذا وكذا، أو اعترف بأنه هو الذي بنى هذا أو الذي حفر هذا أو اعترف بأنه باع كذا على كذا أو اشترى من كذا، أو ما أشبه ذلك من المعاملات.
فالحاصل أن الاعتراف والإقرار يدخل في أبواب العلم جميعها.
قوله: (ويجب على الإنسان أن يعترف بجميع الحقوق التي عليه للآدميين ليخرج من التبعة بأداء أو استحلال):
الحقوق التي للآدميين مثل الأموال وما أشبهها فيعترف ويقول: نعم أعترف بأن له في ذمتي مائة دينار أو قيمة سلعة أو نحو ذلك من الحقوق المالية، أو أعترف أنه أقرضني كذا وكذا من المال، أو أعترف بأنني أنا الذي أتلفت هذا المال أو أنا الذي قطعت شجرته أو هدمت جداره أو ضربت ابنه وشججته أو ما أشبه ذلك من الحقوق، أو أعترف بأنني قذفته بلفظ كذا وكذا، وعليّ له حد القذف أو ما أشبه ذلك، فإذا اعترف بذلك فإن لصاحب الحق أن يأخذ حقه منه.
ثم لا بد أن يبين ما اعترف به يبين مقداره فإذا قال مثلا: له عندي حق، فلا بد أن يبين ذلك الحق الذي اعترف به، فإن كان حقًّا ماليا فيذكر مقداره طعامًا مثلاً أو كسوة أو نفقة أو أجرة مسكن أو أجرة سيارة، أو ما أشبه ذلك.
والحاصل أن مثل هذا من الحقوق المالية التي لا بد أنه يبينها.
كذلك الحقوق غير المالية عليه أن يعترف بها كحقوق الزوجة على زوجها، وحقوق الزوج على زوجته فعلى كل منهما أن يعترف بالحقوق.
وكذلك حقوق الدماء يعترف بأنه قد قتل أو قد قطع طرفًا أو قد قذف أو ما أشبه ذلك، فالاعتراف من أقوى البينات فمن أجل ذلك ختموا به الكتب أعني - كتب الفقه- فغالب المصنفين يختمون بهذا الكتاب.
وهذا آخر الأبواب التي في هذا الكتاب، ولاشك أنه قد احتوى على معظم أبواب الفقه أو أغلبها، وإن كان قد اختصر في أكثرها اختصارا ظاهرًا، ولكن الحمد لله الذي وفقه ووفقني لإكماله، فمن قرأه فقد حصل على خير كثير إن شاء الله، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. انتهى.