الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
207769 مشاهدة
رد المغصوب

وعليه رده لصاحبه، ولو غرم أضعافه. وعليه نقصه وأجرته مدة مقامه بيده.


قوله: (وعليه رده لصاحبه ولو غرم أضعافه):
يعني: أن الغاصب يلزمه رد ما اغتصبه ولا تتم توبته إلا برد المغصوب على صاحبه ولو غرم أضعافه، فلو تصرف فيه فإنه يرده، ولو غرم عليه أضعاف قيمته، فلو غصب خشبا، وأصلحه أبوابا غرم عليه قيمته مرتين، ولو غصب جلدا مدبوغا ثم إنه خرزه قربة أو جرابا يلزمه رده؛ رد عينه، ولو خسر بذلك ولا شيء له، كما لو غصب أرضا ثم حفر فيها وغرس وبنى فيها وتعب فيها، لا تبرأ ذمته إلا بردها وله عين ماله، ويترك الأرض ويردها لصاحبها.
قوله: (وعليه نقصه وأجرته مدة مقامه بيده):
فإذا غصب شاة فلا يتركها بل ينفق عليها، فإذا حلبها فعليه قيمة اللبن، وكذلك إذا غصب شيئا له أجرة، مثل أن يغصب دارا ولم يسكنها فيلزم بأجرتها مدة بقائها بيده، وإذا غصب سيارة ولكنه أوقفها فيلزمه بأجرتها مدة بقائها عنده ولو لم يستعملها؛ وذلك لأنه فوت منفعتها على صاحبها.