إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
207705 مشاهدة
الأشربة المباحة والمحرمة

والأشربة كلها مباحة إلا ما أسكر، فإنه يحرم كثيره وقليله؛ لحديث: كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام .
وإن انقلبت الخمرة خلا حلت.


قوله: ( والأشربة كلها مباحة إلا ما أسكر فإنه يحرم كثيره وقليله، لحديث: (كل مسكر... الخ):
المسكر هو: الذي يغطي العقل؛ بحيث إنه إذا سكر هذي ولم يميز ما أمامه كأنه غطي عقله، ولا يعرف ولا يميز بين هذا وهذا ولا بين ما ينفعه وما يضره، كما هو معروف، فإذا كان هذا الشراب من المسكرات فإنه يحرم قليله وكثيره، يقول صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفَرَق فملء الكف منه حرام الفَرَق: مكيال يسع ثلاثة آصع يقول: لو قدر أنه لا يسكر حتى يشرب من هذا الشراب ثلاثة آصع فإذا شربها سكر فإن ملء الكف منه حرام، وقال صلى الله عليه وسلم: ما أسكر كثيره فقليله حرام .

قوله: (وإن انقلبت الخمرة خلا حلت):
الخمر في الأصل تصنع من التمر، يطبخ حتى يصير خمرًا، أو يلقى في ماء تحت الشمس إلى أن تستحكم حلاوته، وتصنع كذلك من العنب والعسل والشعير.
ثم هذه الخمر قد تتخلل، أي: تنقلب خلا، والخل طاهر ومباح، أي: الخل المعروف، كخل التمر وخل العنب ونحو ذلك، ويتخذ إداما كما في الحديث:
نعم الإدام الخل .
والحاصل: إذا انقلبت الخمر خلاً فإنها تصبح طاهرة ومباحة، وهذا خاص فيما إذا تحولت بفعل الله دون تدخل الإنسان، أما إذا عالجها الإنسان حتى أصبحت خلا فإنها لا تباح، هذا هو الحق في هذه المسألة.
انتهى من الأطعمة التي هي ما سوى الحيوان.