اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
207719 مشاهدة
الحقوق المتعلقة بالتركة

وإذا مات الإنسان تعلق بتركته أربعة حقوق مرتبة:
أولها: مؤن التجهيز.
ثم الديون الموثقة والمرسلة من رأس المال.
ثم إذا كان له وصية تنفذ من ثلثه للأجنبي.
ثم الباقي للورثة المذكورين. والله أعلم.


قوله: (وإذا مات الإنسان تعلق بتركته أربعة حقوق مرتبة: أولها: مؤن التجهيز، ثم الديون الموثقة والمرسلة من رأس المال. ثم إذا كان له وصية تنفذ من ثلثه للأجنبي. ثم الباقي للورثة المذكورين):
تسمى هذه الحقوق المتعلقة بعين التركة
يُبدأ بمئونة التجهيز قبل كل شيء، فيؤخذ من ماله أجرة المُغسِّلين، ويؤخذ من ماله ثمن الكفن، ويؤخذ من ماله ثمن الحنوط، ويؤخذ من ماله أجرة الحفار إذا لم يوجد من يتبرع، فلو قال الورثة: المال لنا، نقول لهم: ليس لكم مال إلا بعد تجهيزه.
فإذا جهز تقضى بعد ذلك الديون، والديون إما أن يكون فيها رهن، وإما أن تكون بغير رهن، فيقدم الدين الذي فيه الرهن، فتباع العين المرهونة، ويعطى صاحب الدين دينه، وأما البقية التي ليس فيها رهن فتباع بقية الأموال وتوفى الديون كلها.
فإذا وفيت الديون وبرئت ذمته انتقل إلى الوصايا فإذا كان قد أوصى في آخر عمره أو أوصى بعد موته أن أعطوا فلانا كذا؛ أخرجوا ثلث تركتي أو ربعها.
وهذه الوصايا تخرج من رأس المال قبل الميراث وبعد الديون.
روي عن علي-رضي الله عنه- أنه قال: إنكم تقرءون قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ النساء: 12 وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالدين قبل الوصية يعني أن الآية مذكورة فيها الوصية ثم الدَّين؛ لأن الوصية قد تكون ثقيلة على الورثة، حيث إنها تبرع، فجعلها الله مقدمة حتى تسهل عليهم بخلاف الدين فإنه حق آدمي يطالب به أصحابه.
وبعدما تنتهي الوصية وتنفذ الوصايا ولو كانت لأجنبي، الباقي يكون للورثة المذكورين الذين تقدم ذكرهم.