الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
207662 مشاهدة
ما يلزم المرأة المتوفى عنها زوجها

ويلزم في مدة هذه العدة أن تحد المرأة: بأن تترك الزينة والطيب والحلي، والتحسن بحناء ونحوه، وأن تلزم بيتها الذي مات زوجها وهي فيه، فلا تخرج منه إلا لحاجتها نهارًا؛ لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا البقرة: 234 .


قوله: (ويلزم في مدة هذه العدة أن تحد المرأة: بأن تترك الزينة... إلخ):
إذا كانت متوفى عنها فإنها تحد على زوجها: فتترك الزينة والطيب والحلي والتجمل بالحناء ونحوه، وتلازم بيتها الذي مات زوجها فيه، فلا تخرج منه إلا لحاجتها ولا تخرج إلا نهارًا، هذا هو الإحداد
فلا تختضب بالحناء ونحوه، ولا تكتحل للزينة، ولا تلبس الحلي، ولا تلبس ثياب الجمال ثياب الشهرة التي يتجمل بها في الحفلات وما أشبهها، ولا تتطيب لا بطيب له لون، ولا بطيب له رائحة، وتلزم بيتها حتى تنتهي عدتها، فإذا انتهت عدتها أربعة أشهر وعشر، أو وضعت الحمل، فإنها تعود إلى ما كانت عليه.
وقد كانت المرأة قبل الإسلام تتربص سنة كاملة وجاء ذلك في أول الإسلام في قوله تعالى: وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ البقرة: 240 ثم نسخ ذلك

واستقر الأمر بأربعة أشهر وعشرة أيام.