شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
207825 مشاهدة
تخفيف الصداق


ينبغي تخفيفه.
وسئلت عائشة: كم كان صداق النبي -صلى الله عليه وسلم- ؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عثرة أوقية ونشًّا، أتدري ما النش؟ قلت: لا، قالت: نصف أوقية. فتلك خمسمائة درهم رواه مسلم .
وأعتق صفية وجعل عتقها صداقها. متفق عليه .
وقال لرجل: التمس ولو خاتما من حديد متفق عليه
فكل ما صح ثمنًا وأجرة- وإن قل- صح صداقًا.


قوله: (ينبغي تخفيفه):
وذلك لأنه إذا تغالى الناس فيه حصل مضرة على الرجال والنساء، فكثير من الرجال قد لا يجد المهور الغالية التي يتنافس الناس فيها كمئة ألف أو قريب منها، وكذلك تتضرر كثير من النساء فيتعطل كثير منهن فيتأيمن، ويبلغن سن الإياس أو العنوسة وهن لم يتقدم إليهن أحد لتشدد أوليائهن في الصداق، ولذلك يسن تخفيفه والاقتصار على الحاجات الضرورية كالكسوة والحلي مثلا، وعلى تأثيث المنزل بالأثاث الضروري اللازم، أما المباهاة والمكاثرة ونحو ذلك فإنها ضرر على الزوجين.
وقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في النساء: أعظم النساء بركة أيسرهن مئونة أي: أيسرهن تكلفة وأيسرهن صداقًا، وجاءه رجل فذكر أنه تزوج على أربع أواق، فاستنكر ذلك فقال: كأنكم تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، لا أجد لك إعانة أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، وكل هذا دليل على أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يحث على تخفيف المهور

قوله: (وسئلت عائشة: كم كان صداق النبي -صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: كان صداقه... إلخ):
في هذا الحديث بيان مقدار صداق النبي -صلى الله عليه وسلم- لأزواجه، فلما سئلت عائشة -رضي الله عنها- عن ذلك قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشًّا.
والأوقية: أربعون درهمًا، والدرهم قطعة من الفضة صغيرة، فإذا ضربت اثني عشر أوقية في أربعين درهما وجدتها أربعمائة وثمانين درهما، والنش نصف أوقية كما قالت عائشة، أي: عشرون، فيكون المجموع خمسمائة درهم، هكذا كان صداق نساء النبي عبيد.
ويستثنى من ذلك أم حبيبة -رضي الله عنها- فقد أصدقها النجاشي أربعة آلاف دينار من الذهب؛ وذلك لأنه ملك من الملوك وعنده الأموال وافرة، وقد أحب النبي -صلى الله عليه وسلم- فأحب أن يصنع معه معروفًا فدفع لها هذا المهر.
أما صداق بناته فأربعمائة درهم لم يزد على ذلك.
قوله: (وأعتق صفية وجعل عتقها صداقها):
واستثنى أيضا صفية بنت حمى بن أخطب -رضي الله عنها- فقد كان أبوها من يهود بني النضير في المدينة، ثم إنه لما أجلي بني النضير عن المدينة رحل أبو ياسر

وحيي ابنا أخطب ونزلا في خيبر، ثم إن حمى بن أخطب لما جاء الأحزاب جاء إلى بني قريظة وحملهم على أن ينقضوا العهد واشترطوا عليه أنه إذا رجعت الأحزاب أن يدخل معهم، فدخل معهم فقتل مع بني قريظة فبقيت ابنته زوجة لرجل في خيبر فقتل زوجها، فلما كانت في السبي أخذها النبي -صلى الله عليه وسلم- واصطفاها
لنفسه وأعتقها، وجعل عتقها صداقها ولم يدفع إليها شيئًا، وأصبحت كأمهات المؤمنين.
قوله: (وقال لرجل: التمس ولو خاتمًا من حديد ):
في حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله ، جئت أهب لك نفسي، قال: فنظر إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصعد النظر فيها وصوبه، ثم طأطأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما رأت المرأة أنه لم يقضِ فيها شيئًا جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله ، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: وهل عندك من شيء، قال: لا والله يا رسول الله... إلى أن قال له صلى الله عليه وسلم: انظر ولو خاتمًا من حديد تقليلاً للمهر وتيسيرًا له، فلما لم يجد ذلك الرجل شيئًا زوجه إياها على أن يعلمها شيئًا من القرآن، فقال صلى الله عليه وسلم زوجتكها بما معك من القرآن فقال: علمها عشرين آية أو نحوها، فجعل تعليم القرآن صداقًا.
كذلك قالوا: يصح أن. يعلمها علمًا فيه فائدة فيجعل ذلك مهرًا، كأن يعلمها بابا من أبواب الفقه أو جملة من الأحاديث النبوية يكررها حتى تحفظها، أو سورًا

من القرآن أو نحو ذلك، فكل هذا يعتبر مما يؤخذ عليه العوض.
قوله: (فكل ما صح ثمنًا وأجرة- وإن قلّ- صح صداقًا):
جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت: إنها تزوجت على نعلين، قال: أرضيت من نفسك ومن مالك بنعلين؟ قالت: نعم، فأجاز نكاحها على نعلين فدل ذلك على صحة الصداق وإن قل.