جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
358927 مشاهدة print word pdf
line-top
الحقوق المتعلقة بالتركة

وإذا مات الإنسان تعلق بتركته أربعة حقوق مرتبة:
أولها: مؤن التجهيز.
ثم الديون الموثقة والمرسلة من رأس المال.
ثم إذا كان له وصية تنفذ من ثلثه للأجنبي.
ثم الباقي للورثة المذكورين. والله أعلم.


قوله: (وإذا مات الإنسان تعلق بتركته أربعة حقوق مرتبة: أولها: مؤن التجهيز، ثم الديون الموثقة والمرسلة من رأس المال. ثم إذا كان له وصية تنفذ من ثلثه للأجنبي. ثم الباقي للورثة المذكورين):
تسمى هذه الحقوق المتعلقة بعين التركة
يُبدأ بمئونة التجهيز قبل كل شيء، فيؤخذ من ماله أجرة المُغسِّلين، ويؤخذ من ماله ثمن الكفن، ويؤخذ من ماله ثمن الحنوط، ويؤخذ من ماله أجرة الحفار إذا لم يوجد من يتبرع، فلو قال الورثة: المال لنا، نقول لهم: ليس لكم مال إلا بعد تجهيزه.
فإذا جهز تقضى بعد ذلك الديون، والديون إما أن يكون فيها رهن، وإما أن تكون بغير رهن، فيقدم الدين الذي فيه الرهن، فتباع العين المرهونة، ويعطى صاحب الدين دينه، وأما البقية التي ليس فيها رهن فتباع بقية الأموال وتوفى الديون كلها.
فإذا وفيت الديون وبرئت ذمته انتقل إلى الوصايا فإذا كان قد أوصى في آخر عمره أو أوصى بعد موته أن أعطوا فلانا كذا؛ أخرجوا ثلث تركتي أو ربعها.
وهذه الوصايا تخرج من رأس المال قبل الميراث وبعد الديون.
روي عن علي-رضي الله عنه- أنه قال: إنكم تقرءون قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ النساء: 12 وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالدين قبل الوصية يعني أن الآية مذكورة فيها الوصية ثم الدَّين؛ لأن الوصية قد تكون ثقيلة على الورثة، حيث إنها تبرع، فجعلها الله مقدمة حتى تسهل عليهم بخلاف الدين فإنه حق آدمي يطالب به أصحابه.
وبعدما تنتهي الوصية وتنفذ الوصايا ولو كانت لأجنبي، الباقي يكون للورثة المذكورين الذين تقدم ذكرهم.

line-bottom