تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
313805 مشاهدة print word pdf
line-top
مجاوزة محل الفرض

قوله: [ومجاوزة محل الفرض] لأن أبا هريرة توضأ فغسل يده حتى أشرع في العضد، ورجله حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ وقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله .


الشرح: عرفنا- فيما مضى- حد الفرض في كل عضو من أعضاء الوضوء وقد استحب العلماء مجاوزته لحديث أبي هريرة السابق، وهذه المجاوزة لا يمكن أن تحصل إلا في عضوين من أعضاء الوضوء وهما اليدان والرجلان، فيغسل المتوضئ يديه إلى أن يجاوز المرفقين ويشرع في العضد، ويغسل رجليه فيجاوز الكعبين إلى شيء من الساق، ودليل ذلك الحديث السابق، وحديث تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء .
وذهب بعض العلماء- كشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم - إلى عدم استحباب ذلك لكي لا يتعدى بوضوئه ما حد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- قال شيخ الإسلام: (ولا يستحب إطالة الغرة، وهو مذهب مالك ورواية عن أحمد ) وقال ابن القيم (أما حديث أبي هريرة في صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه غسل يديه حتى أشرع في العضدين، ورجليه حتى أشرع في الساقين، فهو إنما يدل على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء، ولا يدل على مسألة الإطالة) واختار هذا القول الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله- .
ومما يشهد لهذا القول أنه -صلى الله عليه وسلم- قد قال إن الله حد حدودا فلا تعتدوها والله سبحانه قد حد المرفقين والكعبين حدا في الوضوء فلا ينبغي تعديهما، ولأن هذا من الغلو، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- إياكم والغلو في الدين .
وأما حديث أبي هريرة فإن قوله: فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل فقد قال نعيم بن المجمر لا أدري قوله فمن استطاع... من قوله رسوله الله -صلى الله عليه وسلم- أو من قول أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وأما حديث الحلية فالحلية المزينة هي ما كان محله، فإذا جاوز محله لم يكن زينة، فالصواب الاقتصار على ما حد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

line-bottom