إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شفاء العليل شرح منار السبيل
198987 مشاهدة
من مكروهات قضاء الحاجة الكلام حال التخلي

قوله: [والكلام] نص عليه لقول ابن عمر مر رجل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فسلم عليه، وهو يبول، فلم يرد عليه رواه مسلم .
[والبول في إناء] بلا حاجة نص عليه. فإن كانت: لم يكره، لحديث أميمة بنت رقيقة رواه أبو داود .


الشرح: يكره الكلام حال التخلي لقول ابن عمر -رضي الله عنهما- مر رجل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فسلم عليه وهو يبول، فلم يرد عليه رواه مسلم فإذا كان -صلى الله عليه وسلم- لم يرد عليه السلام، فكيف بالكلام الذي لا حاجة إليه؟
فعلى الإنسان أن لا يتكلم حال جلوسه للبول، أو للغائط، ولكن يجوز ذلك للضرورة: كإرشاد أعمى، أو تنبيه غافل مقبل على هلكة، أو إجابة بنعم أو لا إذا احتاج لذلك، كأن يخاطب وهو في الخلاء فيجيب بنعم أو لا إذا لم تكف النحنحة أو التنبيه، ولكن يكون هذا بقدر الحاجة ولا يزيد.
وإذا كان الكلام مطلقا مكروه، فكيف بالذكر؟
ويكره البول في الإناء بلا حاجة، وقد ورد في حديث أميمة بنت رقيقة أنه كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- قدح تحت سريره يبول! فيه بالليل، ولعل ذلك إذا كان مريضة، أو كان المكان الذي سيذهب إليه يشق عليه لبعده، فلذلك يبول في القدح، ثم يذهب بعض الخدم بالبول فيريقه بعيدا.
فالحاصل أن هذا دليل على جواز البول في القدح لحاجة، فإذا لم يكن هناك حاجة فلا.