شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
310828 مشاهدة print word pdf
line-top
غسل الرجلين مع الكعبين

قوله: [وغسل الرجلين مع الكعبين] لقوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .


الشرح: الفرض الثالث من فروض الوضوء: غسل الرجلين مع الكعبين لقوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ والكعبان هما العظمان الناتئان في جانبي القدم وهما داخلان في الغسل؛ لأن قوله تعالى في الآية (إلى) بمعنى (مع) كما سبق في غسل اليدين.
ويدل على غسل الرجلين عدة أحاديث صحيحة منها: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- رأى جماعة توضؤا وبقيت أعقابهم تلوح لم يمسها الماء فقال: ويل للأعقاب من النار وقال جابر -رضي الله عنه- أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا توضأنا أن نغسل أرجلنا وعن عمر -رضي الله عنه- أن رجلا توضأ فترك موضع ظفر على قدميه فأبصره النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ارجع فأحسن وضوءك وغير هذا من الأحاديث الكثيرة الدالة على غسل الرجلين، فلا عبرة بعد هذا بقول الرافضة أن المتوضئ يمسح على رجليه ولا يغسلهما، واستدلوا بقوله تعالى: (وأرجلكم إلى الكعبين) أي بجر (وأرجلكم) عطفا على قوله تعالى: (وامسحوا برؤسكم) وهذه قراءة متواترة.
والرد عليهم أن يقال: بأن قوله تعالى وَأَرْجُلَكُمْ قد قرئت بالنصب، فهذا صريح في الغسل لأنها تكون حينئذ معطوفة على قوله وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ .
وأما قراءة الجر فيجاب عنها بخمسة أجوبة.
1- أن تحمل على أنها من باب المجاورة، أي أن (أرجلكم) جرت؛ لأن (رؤوسكم) مجرورة، وهذا مشهور في لغة العرب، ومنه قولهم: (هذا جحر ضب خرب) بجر (خرب) برغم أن الأصل رفعه؛ لأنه صفة لحجر، وحجر مرفوع، وإنما جر لمجاورته كلمة (ضب) المجرورة.
2- الجواب الثاني: أن قراءة الجر معناها: اجعلوا غسلكم للرجلين كالمسح أي لا يكون غسلا تتبعون به أنفسكم؛ لأن من عادة الإنسان أن يكثر من غسل رجليه؛ لأنها هي التي تباشر الأذى، فمقتضى العادة أنه يزيد في غسلها، فقراءة الجر يقصد منها- والله أعلم- كسر ما يعتاده الناس من المبالغة في غسل الرجلين؛ لأنهما اللتان تلاقيان الأذى.

3- الجواب الثالث: أن قراءة الجر تنزل على حالي من أحوال الرجل وهي كونها مستورة بالخف، فيجب حينئذ مسحها، وأما قراءة النصب فتنزل على حال تكون فيها الرجل مكشوفة، فيجب حينئذ غسلها.
4- الجواب الرابع: أنه لو ثبت أن المراد بالآية المسح لحمل المسح على الغسل جمعا بين الأدلة والقراءتين؛ لأن المسح يطلق على الغسل كما ذكر هذا جماعة من أئمة اللغة، يقال: مسح المطر الأرض أي غسلها.
5- الجواب الخامس: أن قراءتي النصب والجر يتعادلان، والسنة بينت ورجحت الغسل فيتعين.

line-bottom