إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
313842 مشاهدة print word pdf
line-top
فصل الشك في الحدث أو الطهارة

قوله: [فصل: ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث أو تيقن الحدث وشك في الطهارة عمل بما تيقن] وبهذا قال عامة أهل العلم، قاله في الشرح لقوله -صلى الله عليه وسلم- إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا، فأشكل عليه هل خرج منه شيء أم لا، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا رواه مسلم والترمذي .


الشرح: المراد من قوله عن فلا يخرجن من المسجد أي لا يقطع
صلاته سواء كان في المسجد أو في غير المسجد، لكن الأغلب أنه -صلى الله عليه وسلم- يخاطب المصلين في المسجد.
فلو كان الإنسان يصلي في بيته، أو في صحراء، فوجد ذلك، فلا يخرج من الصلاة حتى يتحقق الحدث، وقد قيده -صلى الله عليه وسلم- في الحديث بأن يسمع صوتا، أو يجد ريحا، والمراد أن يتيقن وجود الحدث ولو لم يسمع صوتا، أو يجد ريحا، ولكن هذا هو الغالب على نقض الحدث.
فإذا تحقق الإنسان أنه أحدث فإن وضوءه يبطل.
وهذا الحديث قاعدة أصولية عند العلماء، وهي أن الأشياء على أصلها حتى يتحقق زوال ذلك الأصل، وذلك آخذا من هذا الحديث.
فقد نهي الإنسان أن يلتفت إلى الأوهام، وإلى الوساوس، بل يبقى على يقينه حتى يتحقق زوال ذلك الوضوء اليقيني، فإذا تحقق زواله بنى عليه، سواء كان الوصف الأصلي هو الطهارة، والشك في الحدث، أم كان العكس،. بحيث كان الوصف الأصلي هو الحدث، والشك في الطهارة. فإذا كنت قد تحققت أنك محدث ولكن اعترضك شك: هل رفعت ذلك الحدث أم لا؟ فالأصل بقاء ذلك الحدث حتى تتحقق زواله، فتبني على ما استيقنت.
وهكذا العكس: إذا كنت متحققا أنك متطهر، ثم اعترضك الشك في الحدث: هل انتقض وضوئي أم لا؟ فلا تلتفت إلى هذا الشك حتى تتحقق الانتقاض.
والعلماء يسفون ما يجد الإنسان في بطنه (قراقر).
وقد ورد في الحديث إذا أتى الشيطان أحدكم فقال له. قد أحدثت، فليقل له: كذبت. إلا ما وجد ريحه بأنفه، أو سمع صوتا بأذنه يعني لا يلتفت إلى ما يخيله الشيطان.
ويعتري هذا كثيرا من الذين يبتلون بالأوهام والوساوس، فتجد أحدهم دائما يحيل إليه هذا الخيال، وكان الأولى به أن لا يلتفت إلى هذا الخيال، بل يبني على ما هو الأصل.
فهذه القاعدة يعمل بها سواء كان الشك في خروج الريح أم كان في غيره من نواقض الوضوء، فحيث أنه شك فلا يلتفت إلى ذلك.

line-bottom