شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شفاء العليل شرح منار السبيل
198950 مشاهدة
ماء لا يكره استعماله ومنه مياه الآبار والعيون والأنهار

قوله: [والآبار والعيون والأنهار] لحديث أبي سعيد قال: قيل يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة (وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن) فقال -صلى الله عليه وسلم- الماء طهور لا ينجسه شيء رواه أحمد وأبو داود والترمذي . وحديث أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟..


الشرح: لا خلاف في طهورية مياه الآبار فإنها أغلب ما يستقي منه الناس، وذلك أن الله تعالى من حكمته جعل لا جوف الأرض أماكن متسعة، فإذا نزل المطر وجرى في الأودية، فإن الأرض تبتلعه في جوفها، ويبقى فيه حتى يحفر ويستقى منه، وقد قال تعالى: فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ أي: الله الذي جعل جوف الأرض مخزنا يحفظه حتى يحتاج إليه فيخرج وهو طاهر طيب، لا تغيره الأرض، ولا يتأثر بتراب ولا غيره.
وأما بئر بضاعة فهي بئر مشهورة في المدينة، وكانت في الطريق، ويقرب منها مجتمع الناس، ولذلك تسقط فيها خرق الحيض التي تتمسح بها النساء، وقد تسقط فيها الجيف، حتى ميتة الكلب، وكذا النتن من العذرة ونحوها، ولكنها لا تتغير، حيث يستقى منها كل يوم للنخل والشرب، ويتجدد الماء فيها فلا يتغير؛ فلذلك قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- الماء طهور لا ينجسه شيء وهذا الإطلاق مقيد بما إذا تغير أحد أوصافه، كما في حديث أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- حيث قالت: إلا ما غلب على ريحه، أو طعمه، أو لونه بنجاسة تحدث فيه .
وأما العيون فهي ما ينبع من الأرض، ويسيل على وجه الأرض، وأصله من مياه الأودية التي تختزن في المرتفعات، وكذا ماء الأنهار الجارية فإنها أيضا تسيل من أماكن رفيعة تمتلئ وقت السيل، ثم تندفع إلى المنخفضات، ودليل طهارتها حديث أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا متفق عليه