إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
313395 مشاهدة print word pdf
line-top
الماء الطهور المكروه استعماله ومنه الماء الذي اشتد حره أو برده

قوله: [ وماء اشتد حره أو برده ] لأنه يؤذي ويمنع كمال الطهارة.


الشرح: أي بسبب شدة الحرارة أو البرودة؛ لأن من يتوضأ بماء حار جدا أو بارد جدا يخشى أن لا يتطهر طهارة كاملة بسبب ما يجده من حر الماء أو برده؛ فلهذا فإنه يعجل في وضوئه، وقد يترك بسبب ذلك شيئا منه؛ ولهذا قال النووي في هذه المسألة: (دليل الكراهة أنه يتعرض للضرر، ولأنه لا يمكن استيفاء الطهارة به على وجهها) هذا إذا لم يحتج إلى هذا الماء، فأما إذا احتاج إليه فلا حرج حينئذ، وقد ذهب ابن القيم -رحمه الله- إلى أن الوضوء بالماء البارد في شدة البرد عبودية أي لأنه دليل على قوة إيمان هذا المتوضئ حيث لم يترك الطهارة بسبب برد الماء، ومما يشهد لهذا قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط رواه مسلم فعد -صلى الله عليه وسلم- إسباغ الوضوء على المكاره من الرباط، وبين فضله وأجره.
والمستحب أن لا يتكلف المرء ضد حاله، فإن تيسر له الماء المعتدل في حره وبرده توضأ به وإلا توضأ بغيره، وإن تركه حتى ينكسر برده أو حره فهو أفضل ليتطهر طهارة كاملة.

line-bottom