جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شفاء العليل شرح منار السبيل
198984 مشاهدة
بول وروث المأكول لحمه

قوله: [وما أكل لحمه، ولم يكن أكثر علفه النجاسة، فبوله وروثه وقيئه ومذيه ومنيه ولبنه طاهر]
لقوله -صلى الله عليه وسلم- صلوا في مرابض الغنم رواه مسلم . وقال للعرنيين: انطلقوا إلى إبل الصدقة فاشربوا من أبوالها متفق عليه .


الشرح: تقدم الكلام على أن كل ما أكل لحمه فإنه طاهر وهو حي، وكذلك يطهر بالتذكية، كالإبل، والبقر، ونحوه مما يذكى.
وهكذا الصيد كالظباء ونحوها .
وهكذا كل مأكول من الطير، كالحمام، والحبارى، ونحوها.
وحيث أن كل ما لمجل لحمه فهو طاهر فكذلك فضلاته تكون طاهرة، كبوله، وروثه، ومنيه، وما أشبه ذلك.
ودليل ذلك أمره -صلى الله عليه وسلم- القرنيين أن يشربوا أبوال الإبل وألبانها، فإذا جاز شرب الأبوال من الإبل ألحق به ما دونه: كالقيء، والمني، ونحوه.
وهكذا يلحق بها غيرها من بهيمة الأنعام، ومن كل مباع حلال الأكل.
ومن الأدلة- أيضا- على طهارة فضلات ما جمل لحمه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أباح الصلاة في مرابض الغنم، فلو كانت فضلاتها نجسة لما أمر بالصلاة في مرابضها لكون مرابضها تحوي كثيرا من فضلاتها، كروثها، وبولها، مما لا شك في ملامسة بعضه للمصلي المأمور باجتناب النجاسة، فدل هذا على طهارة فضلاتها.
أما ما ورد من النهي عن الصلاة في مبارك الإبل، فقد علل ذلك بأنها مأوى للشياطين- كما جاء في الحديث- لا لنجاستها.
فالصحيح أن كل مأكول اللحم فإن فضلاته طاهرة سواء كان هذا المأكول من بهيمة الأنعام، أو من الصيد، أو من الطير، أو ما أشبه ذلك.
مسألة : المعاطن هي الموارد، واصلها من (العطن) وهو كثرة الروث.
وهي الأماكن التي تأوي إليها الإبل، وتكثر من المبيت فيها، وأكثر ما يكون الروث في الزرائب التي تعمل للدواب.
أما المبارك فهي الأماكن التي تبرك فيها الإبل، ولا تطيل المدة فيها، فربما لا تبيت فيها إلا ليلة واحدة، أو نحوها.