شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
312267 مشاهدة print word pdf
line-top
تطهير نجاسة الكلب

قوله: [وأن يكون إحداها بتراب طهور، أو صابون ونحوه، في متنجس بكلب أو خنزير] لحديث أبي هريرة مرفوعا إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا أولاهن بالتراب رواه مسلم . وقيس عليه الخنزير.


الشرح: نجاسة الكلب تغسل سبع مرات إحداها بالتراب لصراحة الأدلة في ذلك، كحديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وقد ورد في حديث آخر: وعفروه الثامنة بالتراب ؛ ولهذا ذهب بعضهم- وهو رواية في المذهب إلى أن الإناء الذي ولغ فيه الكلب يغسل ثماني مرات، سبعة بالماء والثامنة بالتراب، والصواب أنه يغسل سبع مرات، أما الرواية السابقة: وعفروه الثامنة بالتراب فقد قال عنها شيخ الإسلام: (الصحيح أنه عد التراب ثامنة وإن لم تكن غسلة، كما قال تعالى: ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ يحقق ذلك أن أهل اللغة قالوا: إذا كان اسم فاعل على العدد من غير جنس المفعول يجعله زائدا، كما قال تعالى: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وإن كان من جنسه جعله أحدهم، لقوله ثَانِيَ اثْنَيْنِ فلما قال: سبع مرات علم أن التراب سماه ثامنا؛ لأنه من غير الجنس، وإلا قال: فاغسلوه ثمانيا، وعفروه الثامنة) ومما يشهد لهذا رواية أبي داود، وفيها إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، السابعة بالتراب والأرجح أن يكون التراب في الغسلة الأولى لتزيل الغسلات الباقية ما قد يعلق في الإناء من التراب .
أما الخنزير فقد ذكروا أنه مقيس على الكلب، قالوا: لأنه شر منه وأخبث؛ لأن الله نص على تحريمه في القرآن، ولم ينص على تحريم الكلاب، والطباع، ونحوها، وإنما أخذ تحريمها من السنة.
ولكن نقول: إذا كان تكرار الغسل في الكلب وتتريبه معللا، فلا يقاس عليه، وإن لم يكن معللا، أي كان تعبديا، أو نحو ذلك، فيمكن أن يقاس عليه، والذي يظهر أن نجاسة الكلب معللة، فلا توجد في غيره، فقد حللوا لعاب الكلب فوجدوا أن في ريقه لزوجة لا تزول إلا بالتكرار، وبالتراب، أو ما يقوم مقامه.
وقد سمعت- أيضا- من بعض المشايخ أن بعض المتأخرين اكتشف في لعاب الكلب جراثيم سامة، أو ضارة، فحاولوا إزالتها، فلم تزل إلا بالتراب.
وهناك من اكتشفت في لعابه- بالمجهر المكبر- دوابا صغيرة لا تتبين إلا بالمجهر، فالتصقت بالإناء الذي شرب منه الكلب، فغسلها بكل غسل فلم تزل، فأحرقها بالنار فلم تزل، فقال له بعض علماء الإسلام: إن الشرع ورد بغسلها بالتراب، فلما غسلها بالتراب زالت، فأسلم بعد هذه الحادثة.
فالحاصل: أن الكلب إذا كان معللا بهذه العلة، وهي اللزوجة، ووجود هذه الدواب، أو هذا المرض، أو نحوه في ريقه، فإن هذه العلة خاصة به؛ لأنها لا توجد في غيره، ولو كان الخنزير.
أما لو قلنا بأن الأمر بالغسل كان لأجل قذارته ونجاسته، ولا نعرف العلة في ذلك إلا أنه خبيث، فإننا والحال هذه نلحق به الخنزير؛ لأنه أخبث منه، وأشد تحريما؛ لأنه مما يتغذى على النجاسات، والقاذورات، وقد نص الله على تحريمه في عدة آيات، فخبثه في لحمه وفي سائر أجزائه، أما نجاسته فتكون كسائر النجاسات، يعني كنجاسة بول الآدمي، وما أشبهه.
بقي أن يقال بأن الفقهاء عمموا في قولهم (نجاسة كلب أو خنزير)، ومعنى هذا أنه يغسل من بول الكلب أو الخنزير كما يغسل من ريقه، أي سبع غسلات إحداها بالتراب، وهكذا يغسل من دمه، ومن سائر فضلاته، كعرقه، وما أشبهه.
أما إن قيل بأن الغسل خاص بالريق فإن سائر النجاسات لا تلحق به، وإنما يغسل كغسل سائر النجاسات الأخرى حتى تزول، ولعل هذا هو الأرجح، فبول الكلب مثلا يغسل حتى يزول لأنه ليس فيه تلك اللزوجة التي في ريقه، ولنص الحديث، وهكذا يقال في دمه، وعرقه، ودمعه، وروثه، وما أشبه ذلك، فكل هذا يغسل حتى يزول أثره.

line-bottom