إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
309011 مشاهدة print word pdf
line-top
سنن الغسل

قوله: [وسننه: الوضوء قبله. وإزالة ما لوثة من أذى، وإفراغه الماء على رأسه ثلاثة، وعلى بقية جسده ثلاثا، والتيامن، والموالاة، وإمرار اليد على الجسد، وإعادة غسل رجليه بمكان آخر] لحديث عائشة وميمونة في صفة غسله، -صلى الله عليه وسلم- متفق عليهما، وفي حديث ميمونة ثم تنحى فغسل قدميه رواه البخاري .


الشرح: ذكر المؤلف هنا صفة الغسل الكامل وهو المشتمل على المسنونات؛ لأن الغسل له صفتان: صفة إجزاء- وقد مضت- وصفة كمال، فما اشتمل على ما يجب فقط فهو الغسل المجزئ، وما اشتمل على الواجب والمسنون فهو الغسل الكامل، وهو أن ينوي ويسمي، ثم يغسل يديه ثلاثا لأنه يتناول بهما الماء، ثم يغسل ما لوثه من أثر الجنابة كالمني إذا انتثر عليه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة إلا رجليه، ثم يحثو على رأسه ثلاث حثيات من الماء ترويه، أي تصل إلى أصوله، لحديث عائشة -رضي الله عنها- ثم يخلل بيده شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته... ثم يعمم جميعه بدنه بالماء بادئا بجنبه الأيمن، لحديث عائشة -رضي الله عنها- كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعجبه التيامن في ترجله وتنعله وطهوره وفي شأنه كله ويدلك جسده بيده ليتيقن وصول الماء إلى جميع البدن، ثم يغسل رجليه في مكان آخر غير المكان الذي اغتسل فيه، لحديث ميمونة الذي ذكره الشارح ثم تنحى فغسل قدميه والذي يظهر أن الإنسان إذا كان يغتسل منتعلا، أو في مكان مبلط فإنه يغسل رجليه مع وضوئه السابق، ولا يؤخرهما إلى أن يفرغ من غسله، أما إذا كان يغتسل في مكان يجتمع فيه الماء ولا يذهب، أو مكان ملوث بالطين، ونحو ذلك، فإنه يؤخر غسل رجليه حتى يغسلهما في مكان آخر.
فالحاصل أن الغسل الكامل هو ما يشتمل على الواجب والمسنون، والسنة هي ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، فمن أتى بالسنن في غسله فقد أتى بالأفضل، واستوجب أجرا من الله، ومن تركها فلا إثم عليه ولا حرج.
وهذه السنن التي ذكرها المؤلف هي:
1- الوضوء قبل الغسل ليكون مقدمة له لحديث عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ يمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة.. .
2- إزالة ما لوثه من الأذى أي من بقايا المني ونحوه مما يقع على شيء من بدنه، لحديث عائشة السابق.
3- أن يفرغ الماء على رأسه ثلاثا ليبدأ به قبل غيره من أعضاء الجسد.
4- التيامن: فيبدأ بجانب جسده الأيمن قبل الأيسر.
5- الموالاة: وهي أن لا يفرق غسله بل يواليه، فيغسل جميع جسده في وقت واحد، فإن فرقه أجزأه مع خلاف الأولى.
6- إمرار اليد على الجسد لكي يضمن وصول الماء إلى جميع بدنه.
7- إعادة غسل رجليه في مكان آخر لحديث ميمونة وقد عرفنا الراجح في هذا.

line-bottom