إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
شفاء العليل شرح منار السبيل
198828 مشاهدة
مما يحرم بالحيض الصوم

قوله: [والصوم] لقوله -صلى الله عليه وسلم- أليس إحداكن إذا حاضت لم تصم ولم تصل؟ قلن بلى رواه البخاري .


الشرح: هذا الحديث جزء من حديث طويل أخرجه البخاري في صحيحه تحت باب ( ترك الحائض الصوم ) عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أضحى- أو في فطر- إلى المصلى، فمر على النساء فقال: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار، فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن. قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن بلى. قال: فذلك من نقصان دينها فهذا الحديث فيه دليل على أن الحائض لا تصلي ولا تصوم، وهذا متفق عليه والسبب في تركها للصلاة- كما علمنا سابقا - هو عدم طهارتها بسبب هذا الدم النجس الذي يخرج منها ، والطهارة شرط من شروط الصلاة لا تتم الصلاة إلا بها- سبق هذا-.
وأما السبب في تركها للصوم فقد ذهب كثير من العلماء إلى أن العلة فيه تعبدية أي غير معلومة ، واختار بعضهم أن الحكمة في عدم صومها أيام الحيض هو ما تجده من تعب وجهد في بدنها بسبب خروج دم الحيض- كما هو معلوم- فلذلك أمرت بالإفطار لكي تعوض جسدها ما قد يصيبه من ذاك التعب والإنهاك بسبب الدم ، وهذا بناء على قاعدة (المشقة تجلب التيسير)، وقد قال سبحانه: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا فالمسافر مثلا يباح له الفطر في سفره لأجل ما قد يجده من مشقة الطريق وهم السفر وجهده ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- السفر قطعة من العذاب فخفف عنه هذا العذاب بإباحة الفطر له، إفاضة إلى قصر الصلاة وجمعها- كما سيأتي- إن شاء الله- فالحاصل أن الحائض لا تصوم، بل لا يحل لها أن تصوم ، أي أنها لو صامت وهي تعلم بحيضها وتعلم هذا الحكم - وهو أن الحائض لا تصوم - فإنها تأثم لمخالفتها النصوص الشرعية. وهكذا فإنها لو صامت لم يقبل منها صومها ولم يجزئها إن كان صوم فرض.
مثلا: لو تحفظت الحائض في شهر رمضان لكي لا ينزل الدم منها ثم صامت مع الناس فإن صومها هذا غير صحيح للحديث السابق، ويلزمها أن تصوم ما فاتها من شهر رمضان بسبب الحيض بعد أن تطهر، وسيأتينا قريبا- إن شاء الله- أنها إذا طهرت من حيضها تقضي الصوم ولا تقصي الصلاة.