لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شفاء العليل شرح منار السبيل
199101 مشاهدة
تأخير التيمم إلى آخر الوقت المختار لمن يرجو وجود الماء

قوله: [وسن لمن يرجو وجود الماء تأخير التيمم إلى آخر الوقت المختار] لقول علي -رضي الله عنه- في الجنب يتلوم ما بينه وبين آخر الوقت .


الشرح: صورة ذلك إذا دخل عليه الوقت وهو سائر ويؤمل أن سيصل إلى الماء قبل خروج الوقت، فيستحب أن يواصل سيره فإن وصل إلى الماء قبل خروجه توضأ وصلى، ولو في آخر الوقت، فإن خاف خروج الوقت قبل أن يصل إلى الماء، وقف وصلى بالتيمم حتى يدرك الوقت.
وهكذا لو أرسلوا من يأتيهم بالماء ودخل الوقت قبل مجيئه فإنهم ينتظرونه إلى آخر الوقت، فإن خافوا خروج الوقت صلوا بالتيمم.
ومن كان مواصلا سيره في السفر فإنه يؤخر الظهر إلى آخر وقت العصر، أي قبيل الغروب، وكذا يواصل سيره ليلا فيؤخر المغرب إلى آخر الليل وهو نهاية خروج وقت العشاء، فإن لم يصل إلى الماء في هذه المدة نزل فصلى، وإن وصل إلى الماء توضأ وصلى المجموعتين، أو الصلاة التي دخل وقتها.
واستدلوا على ذلك بهذا الأثر عن علي -رضي الله عنه- قال: إذا أجنب الرجل في السفر تلوم ما بينه وبين آخر الوقت، فإن ولم يجد الماء تيمم وصلى.
والتلوم هو الانتظار والتأخير، أي يلزمه أن يترك الصلاة ويؤخرها إلى آخر الوقت رجاء وصوله إلى الماء ورفع حدثه كاملا، فإن لم يصل الماء وخشي خروج الوقت جاز له أن يتيمم، أو لزمه التيمم والصلاة في الوقت، فإن الوقت له أهميته.