شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
شفاء العليل شرح منار السبيل
198869 مشاهدة
أكل لحم الإبل ولو نيئا

قوله: [السابع: أكل لحم الإبل ولو نيئا] لحديث جابر بن سمرة أن رجلا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت توضأ، وإن شئت لا تتوضأ، قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم توضأ من لحوم الإبل رواه مسلم .
[فلا نقض ببقية أجزائها، ككبد، وقلب، وطحال، وكرشي، وشحم، وكلية، ولسان، ورأس، وسنام، وكوارع، ومصران، ومرقي لحم، ولا يحنث بذلك من حلف لا يأكل لحما] لأنه ليس بلحم، وعنه ينقض؛ لأن اللحم يعبر عن جملة الحيوان، كلحم الخنزير قاله في الشرق .


الشرح: النقض بلحم الإبل ورد فيه حديثان صحيحان: حديث جابر وحديث البراء فلا مجال لأحد في ترك العمل بهما، فقد صححهما جمع من الأئمة، ورواهما أهل الصحيح، وقد قال بهذا الحكم- وهو نقض الوضوء بأكل لحم الإبل - الإمام أحمد .
أما الشافعية فقالوا بأن هذين الحديثين كانا في أول الأمر، وذلك عندما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالوضوء من ما مست النار، أي من كل شيء قد طبخ بالنار، ثم كان أخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء من ما مست النار وقد ثبتت أحاديث كثيرة تبين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أكل من كتف شاة ولم يتوضأ فدل هذا على أن الأمر بالوضوء من ما مست النار منسوخ، مع أن الأحاديث فيه كثيرة عن الصحابة.
قالت الشافعية: فهذان الحديثان- حديث جابر و البراء - منسوخان أيضا؛ لأن لحم الإبل كغيره مما مست النار، فهو لا ينقض الوضوء.
لكن الإمام أحمد بين أن هذا الحديث فيه التفريق بين لحم الإبل ولحم الغنم، وكلاهما قد موته النار، فلو كانت العلة هي مسن النار لما فرق بين الإبل والغنم، والعادة أن لحم الإبل يطبخ كما يطبخ لحم الغنم، فكيف خص هذا دون هذا؟ فالعلة إذن هي كونه من الإبل لا كونه مطبوخا؛ ولهذا قال المؤلف بأنه ينقض ولو أكله الإنسان نيئا، أي غير مطبوخ، ولم تمسه النار.
فالصحيح إذن أن لحم الإبل خاصة ينقض الوضوء دون سائر ما مسته النار، كلحم الغنم، ولحم البقر، والصيد، وغيره.
وقد اختلفوا في علة ذلك: فقيل بأنها لقوة التغذية فيه ولكن هذه العلة ليست بكافية.
وقيل: لأن الإبل تورث الخيلاء، والافتخار، وقد ورد في حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن الفضاضة وغلظ الطبع في الفدادين أصحاب الإبل، وإن السكينة في أهل الغنم فدل هذا على أن الإبل تورث الخيلاء، والكبرياء، والافتخار، فلذلك أمر بالوضوء من أكل لحمها، كما نهي عن الصلاة في مباركها دون مبارك الغنم، مع كون الجميع طاهرا.
وقد ورد في عدة أحاديث أن على ذروة كل بعير شيطان وأنها جن خلقت من جن .
بقي بحث آخر: وهو: هل النقض خاص بلحم الإبل دون غيره من أجزائها مما ليس بلحم، أم أنه عام في ذلك كله؟
اختار الفقهاء أن النقض خاصة باللحم الأحمر فقط، كلحم الفخذين، والظهر، وما أشبهه، أما بقية أجزائها كاللسان، والأمعاء، والمشافر، ونحوها، فإنها لا تنقض الوضوء، وهكذا الكرش، والكبد، والقلب، والرئة، والطحال، والسنام؛ لأن هذا كله ليس بلحم.
والقائلون بهذا تمسكوا بالظاهر من كلمة (لحم) فقصروا النقض على ما يسمى لحما، ولكن هذا التمسك قصور منهم، وذلك لأن اللحم يطلق على جميع الأجزاء، ولعل هذا هو الراجح، وهو أن جميع أجزاء الإبل التي تؤكل تنقض الوضوء، ولو شحما.
أما الذي يشرب ولا يؤكل، كالمرق، والدهن، فإنه لا ينقض.
وهذا كالخنزير، فإن الأمة متفقة على أن جميع أجزائه نجسة، وأنه حرام، حتى جلده، وروثه، وجميع ما ينفصل عنه، ولم يقولوا بأن شحمه، أو كبده حلالا لأن النص كان على اللحم.
فلما كان النص عاما لأجزاء الخنزير فكذلك لحم الإبل يعم جميع ما يؤكل من أجزائه .