لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
شفاء العليل شرح منار السبيل
199169 مشاهدة
مدة المسح على الخفين للمقيم وللمسافر

قوله: [فيمسح المقيم، والعاصي بسفره] لأن سفر المعصية لا تستباح به الرخص.
[من الحدث بعد اللبس يوما وليلة، والمسافر ثلاثة أيام بلياليهن ]
لا نعلم فيه خلافا في المذهب. قاله في الشرح لحديث علي رواه مسلم .
وعن عوف بن مالك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم رواه أحمد وقال: هذا أجود حديث في المسح على الخفين؛ لأنه في غزوة تبوك آخر غزوة غزاها النبي -صلى الله عليه وسلم-.


الشرح: جاء في توقيت المسح أحاديث كثيرة عن الصحابة، كعلي، وصفوان بن عسال، وعوف، وغيرهم- رضي الله عنهم أجمعين- وفيها الفرق بين المقيم والمسافر.
فقد جعل الشارع للمقيم يوما وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، وذلك لأن السفر مظنة المشقة فزيد في رخصته.
ويلحق بالمقيم: العاصي بسفره- كما سبق- فيمسح المسافر سفر معصية يوما وليلة كالمقيم، ويمسح المسافر الذي ليس سفره سفر معصية ثلاثة أيام بلياليهن.
وقد اتفق على هذا التوقيت الفقهاء والعلماء الذين أجازوا المسح، وذلك لقوة الأحاديث وكثرتها، والتي فيها التفريق بين المقيم والمسافر.
وقد روي في حديث أن رجلا قال: يا رسول الله أمسح على الخفين؟ قال: نعم قال: يوما؟ قال: نعم قال: يومين؟ قال: نعم قال: وثلاثة؟ قال: نعم.. وما شئت .
وهذا الحديث يستدل به شيخ الإسلام وغيره على عدم التوقيت، ولذلك فقد عمل به- رحمه الله- لما سافر على البريد إلى مصر عندما جد به السير، فخاف أن يتأخر عن أصحابه .
وذهب الجمهور إلى أن هذا الحديث قد خالف أحاديث التوقيت، فحمله بعضهم على أن المراد منه الترخيص في المسح على الخفين إذا احتاج الإنسان لذلك ولو طالت مدة لبسه لهما، بشرط أن يجدد لبسهما والمسح عليهما إذا انتهت المدة، جمعا بين هذا الحديث وأحاديث التوقيت المشهورة.
وبعضهم حمل هذا على أنه خاص بصاحب البريد الذي يشق عليه النزول؛ لأنه يواصل سيره ليلا ونهارا، كما فعل شيخ الإسلام.
ثم اختلفوا: متى يبدأ وقت المسح؟ فقال أكثرهم: يبدأ الوقت من الحدث بعد اللبس، يعني: من أول حدث يحدثه الإنسان بعد لبسه للخف.
وذهب آخرون- منهم شيخ الإسلام- إلى أن الوقت يبدأ من أول مسح؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- أمرنا أن نمسح على خفافنا ثلاثة أيام فكلمة: (نمسح) يعني: نبدأ بالمسح، فعلى هذا القول يبدأ التوقيت مع أول مسحة يمسحها الإنسان على خفيه إذا لبسهما على طهارة، فلو أن إنسانا أحدث في أول النهار (أي بعد صلاة الفجر) ولكنه لم يحتج إلى الوضوء ذلك النهار، ولم يمسح على خفيه إلا وقت العصر- بأن كان مسافرا مثلا، وآخر الظهر فلم يمسح إلا وقت العصر.
فأول حدث أصابه كان بعد صلاة الفجر، وأول مسح له على الخف كان في وقت صلاة العصر.
فعلى القول الأول تنتهي مدة مسحه إذا صلى الفجر من اليوم الثاني؛ لأن وقت المسح بدأ عندهم مع أول حديث له بعد لبس الخف، فلو أراد أن يصلي ركعتي الإشراق بعد صلاة الفجر من اليوم الثاني، فإن ذلك لا يباح له عندهم، ولا تصح صلاته؛ لأنه صلاها على غير طهارة.
أما على القول الثاني فإن مسحه ينتهي في وقت العصر من اليوم الثاني؛ لأن وقت المسح عندهم يبدأ مع أول مسحة مسحها على خفيه بعد تمام الطهارة- كما سبق-.
ولعل هذا القول وهو الذي اختاره شيخ الإسلام هو الأرجح لظاهر الحديث أمرنا أن نمسح فكلمة (نمسح) تقتضي أن اليوم والليلة تبدآن بالمسح، لكن يرد عليه أنه لو مسح قبل الحدث لبدأ الوقت من أول مسح، ولو كان على طهارة.