إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
315000 مشاهدة print word pdf
line-top
الموت

قوله: [ السابع: الموت] لقوله -صلى الله عليه وسلم- إغسلنها وقال في المحرم: اغسلوه بماء وسدر وغيرهما.
[تعبدا] ؛ لأنه لو كان عن حدث لم يرتفع مع بقاء سببه، ولو كان عن نجاسة لم يطهر مع بقاء سببه.


الشرح: الموجب السابع والأخير من موجبات الغسل هو الموت فإذا مات المسلم فقد وجب على المسلمين غسله، والدليل على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في المحرم الذي وقصته ناقته في الحج اغسلوه بماء وسدر والأصل في الأمر الوجوب، وقد أجمع المسلمون على أن الميت يغسل ولو كان نظيف البدن، فلو اغتسل إنسان وتنظف ثم مات بعد دقائق من غسله لوجب على المسلمين أن يغسلوه لموته ولا يكفيه غسله الأول عن غسله بعد الموت؛ لأن غسل الميت ليس المقصود منه تنظيفه فقط، بل هو من الأمور التعبدية، ولهذا قال المؤلف (تعبدا).
وقول الشارح (لأنه لو كان عن حدث لم يرتفع مع بقاء سببه... إلخ) أي أن غسل الميت لو كان لأجل أن الموت حدث من الأحداث، فإن هذا الحدث لن يرتفع بالغسل؛ لأن الموت مستمر معه، ولو كان الغسل لأجل أن الموت نجاسة حلت بالبدن لم يطهر الميت بالغسل؛ لأن الموت باقي معه: فعلم بهذا أن القصد الأول في غسله هو مما تعبدنا الله به.
والصغير إذا نفخت فيه الروح غسل وصلي عليه، وكفن، وأما إذا لم تنفخ فيه الروح فلا يغفل، والروح تنفخ إذا تم له أربعة أشهر، لحديث ابن مسعود - رضي الله عنه- إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد، وينفخ فيه الروح .
وأما شهيد المعركة فإنه لا يغسل- كما سيأتي في كتاب الجنائز- إن شاء الله- لأنه يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب دما اللون لون الدم والريح ريح المسك .
فلهذا كان من شريعة الله أنه لا يزال هذا الدم عنهم لأنه أثر عبادته، أما إذا كان الشهيد جنبا فإنه يغسل لأجل الجنابة لا لأجل الموت، لقصة حنظلة - رضي الله عنه- .

line-bottom