من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شفاء العليل شرح منار السبيل
199036 مشاهدة
الموت

قوله: [ السابع: الموت] لقوله -صلى الله عليه وسلم- إغسلنها وقال في المحرم: اغسلوه بماء وسدر وغيرهما.
[تعبدا] ؛ لأنه لو كان عن حدث لم يرتفع مع بقاء سببه، ولو كان عن نجاسة لم يطهر مع بقاء سببه.


الشرح: الموجب السابع والأخير من موجبات الغسل هو الموت فإذا مات المسلم فقد وجب على المسلمين غسله، والدليل على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في المحرم الذي وقصته ناقته في الحج اغسلوه بماء وسدر والأصل في الأمر الوجوب، وقد أجمع المسلمون على أن الميت يغسل ولو كان نظيف البدن، فلو اغتسل إنسان وتنظف ثم مات بعد دقائق من غسله لوجب على المسلمين أن يغسلوه لموته ولا يكفيه غسله الأول عن غسله بعد الموت؛ لأن غسل الميت ليس المقصود منه تنظيفه فقط، بل هو من الأمور التعبدية، ولهذا قال المؤلف (تعبدا).
وقول الشارح (لأنه لو كان عن حدث لم يرتفع مع بقاء سببه... إلخ) أي أن غسل الميت لو كان لأجل أن الموت حدث من الأحداث، فإن هذا الحدث لن يرتفع بالغسل؛ لأن الموت مستمر معه، ولو كان الغسل لأجل أن الموت نجاسة حلت بالبدن لم يطهر الميت بالغسل؛ لأن الموت باقي معه: فعلم بهذا أن القصد الأول في غسله هو مما تعبدنا الله به.
والصغير إذا نفخت فيه الروح غسل وصلي عليه، وكفن، وأما إذا لم تنفخ فيه الروح فلا يغفل، والروح تنفخ إذا تم له أربعة أشهر، لحديث ابن مسعود - رضي الله عنه- إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد، وينفخ فيه الروح .
وأما شهيد المعركة فإنه لا يغسل- كما سيأتي في كتاب الجنائز- إن شاء الله- لأنه يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب دما اللون لون الدم والريح ريح المسك .
فلهذا كان من شريعة الله أنه لا يزال هذا الدم عنهم لأنه أثر عبادته، أما إذا كان الشهيد جنبا فإنه يغسل لأجل الجنابة لا لأجل الموت، لقصة حنظلة - رضي الله عنه- .