لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
317257 مشاهدة print word pdf
line-top
ما يجب على الحائض والنفساء قضاؤه

قوله : [ وتقضي الحائض والنفساء الصوم لا الصلاة ] لحديث معاذة أنها سألت عائشة رضي الله عنها: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: كان يصيبنا ذلك مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة رواه الجماعة . وقالت أم سلمة كانت المرأة من نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- تقعد في النفاس أربعين ليلة لا يأمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقضاء صلاة النفاس رواه أبو داود .


الشرح: قد عرفنا- سابقا- أن الحائض- وكذا النفساء- يحرم عليها الصوم والصلاة حال حيضها أو نفاسها، ولو صلت أو صامت في تلك الحال لم يصح ذلك منها ولم يجزئها عن الواجب، فإذا طهرت الحائض أو النفساء، فإنها تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة من الأيام التي حاضت فيها أو نفست، ودليل هذا حديث عائشة المتقدم حيث أخبرت بأنهن- أي النساء- كن يؤمرن أن يقضين الصوم ولا يقضين الصلاة على عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقولها: فنؤمر أي يأمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك؛ لأن الأمر والنهي إذا أضيف إلى حياته انصرف إليه لأنه المبلغ عن ربه أحكام دينه، ومما يشهد لهذا قول أم سلمة - رضي الله عنها- في الحديث الآخر كانت المرأة من نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- تقعد في النفاس أربعين ليلة لا يأمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقضاء صلاة النفاس .
فالحاصل: أن الحائض أو النفساء لا تقضي الصلاة وإنما تقضي الصيام للحديثين السابقين، والحكمة من هذا قد اختلف فيها العلماء: فذهب بعضهم إلى أنها تعبدية، أي لا تعرف، قال أبو الزناد (إن السنن لتأتي كثيرا على خلاف الرأي، فما يجد المسلمون بدا من اتباعها، من ذلك أن الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة) .
وذهب بعضهم إلى أن الحكمة معلومة، وهي كما قال ابن القيم - رحمه الله- (أما إيجاب الصوم على الحائض دون الصلاة فمن تمام محاسن الشريعة، وحكمها، ورعايتها لمصالح المكلفين، فإن الحيض لما كان منافيا للعبادة لم يشرع فيه فعلها، وكان في صلاتها أيام الطهر ما يغنيها عن صلاة أيام الحيض، فيحصل لها مصلحة الصلاة في زمن الطهر، لتكررها كل يوم، بخلاف الصوم، فإنه لا يتكرر، وهو شهر واحد في العام، فلو سقط عنها فعله بالحيض لم يكن لها سبيل إلى تدارك نظيره، وفاتت عليها مصلحته، فوجب عليها أن تصوم شهرا في طهرها لتحصل مصلحة الصوم التي هي من تمام رحمة الله بعبده، وإحسانه إليه) .

line-bottom