مجاوزة محل الفرض

قوله: [ومجاوزة محل الفرض] { لأن أبا هريرة توضأ فغسل يده حتى أشرع في العضد، ورجله حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ } رواه مسلم (1\ 149). وقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- { أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله } رواه البخاري (1\ 190) ومسلم. . الشرح: عرفنا- فيما مضى- حد الفرض في كل عضو من أعضاء الوضوء وقد استحب العلماء مجاوزته لحديث أبي هريرة السابق، وهذه المجاوزة لا يمكن أن تحصل إلا في عضوين من أعضاء الوضوء وهما اليدان والرجلان، فيغسل المتوضئ يديه إلى أن يجاوز المرفقين ويشرع في العضد، ويغسل رجليه فيجاوز الكعبين إلى شيء من الساق، ودليل ذلك الحديث السابق، وحديث { تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء } رواه مسلم في الطهارة برقم (40). . وذهب بعض العلماء- كشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم - إلى عدم استحباب ذلك لكي لا يتعدى بوضوئه ما حد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- قال شيخ الإسلام: (ولا يستحب إطالة الغرة، وهو مذهب مالك ورواية عن أحمد ) "الاختيارات" (ص 12). وقال ابن القيم (أما حديث أبي هريرة في صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه غسل يديه حتى أشرع في العضدين، ورجليه حتى أشرع في الساقين، فهو إنما يدل على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء، ولا يدل على مسألة الإطالة) "زاد المعاد" (1\ 196). واختار هذا القول الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله- "مجموع فتاواه" (2\ 61). . ومما يشهد لهذا القول أنه -صلى الله عليه وسلم- قد قال { إن الله حد حدودا فلا تعتدوها } سبق تخريجه. والله سبحانه قد حد المرفقين والكعبين حدا في الوضوء فلا ينبغي تعديهما، ولأن هذا من الغلو، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- { إياكم والغلو في الدين } رواه أحمد (1\ 215)، والنسائي (5\ 268) وغيرهما بسند صحيح. (ج). . وأما حديث أبي هريرة فإن قوله: { فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل } فقد قال نعيم بن المجمر لا أدري قوله { فمن استطاع... } من قوله رسوله الله -صلى الله عليه وسلم- أو من قول أبي هريرة -رضي الله عنه-. وأما حديث الحلية فالحلية المزينة هي ما كان محله، فإذا جاوز محله لم يكن زينة، فالصواب الاقتصار على ما حد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.