جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
359170 مشاهدة print word pdf
line-top
المزارعة

والمزارعة: بأن يدفع الأرض لمن يزرعها بجزء مشاع معلوم من الزرع.
وعلى كل منهما: ما جرت العادة به، والشرط الذي لا جهالة فيه.
ولو دفع دابة إلى آخر يعمل عليها، وما حصل بينهما: جاز.


رابعا: المزارعة
قوله: (والمزارعة: بأن يدفع الأرض لمن يزرعها بجزء مشاع معلوم من الزرع...الخ):
فيقول مثلا: ازرع هذه الأرض ولي نصف الزرع، ولك النصف قل أو أكثر، وعلى كل منهما ما جرت العادة به، فالعامل عليه حرث الأرض، وتسويتها، وإصلاح الجداول، وإخراج الماء، والحصاد وما أشبه ذلك، والمالك عليه الماكينة وما أشبه ذلك.
إذا كان الشرط معلوما ليس فيه جهالة فإنه جائز.
قوله: (ولو دفع دابته إلى آخر يعمل عليها وما حصل بينهما جاز):
هذه تسمى مؤاجرة، يعني: أعطاه دابته، وقال: لك نصف ما يحصل عليها من دخل ونحوه، أو أعطى له سيارته، وقال: هذه السيارة اعمل عليها ولك نصف الدخل بتعبك، ولي نصفه أجرة سيارتي مثلا، فكل هذه الأشياء التي شرعت لأجل المصلحة بين العباد تجوز.
فائدة: العقد اللازم والعقد الجائز
من العقود ما هو عقد لازم، ومنها ما هو عقد جائز، فعقد البيع لازم إلا إذا كان فيه خيار، وبعد تمام شروطه وانتفاء أسباب الخيار يصبح عقدا لازما، وسواء كان بيع منقول أو بيع عقار.
كذلك عقد الرهن لازم في حق الراهن، جائز في حق المرتهن؛ فالراهن لا يقدر على استرجاعه، والمرتهن يجوز أن يسقط رهنه أو حقه من الرهن.
كذلك عقد الحجر، مثل أن يحجر الإمام أو يحجر الشرع على إنسان، عقد لازم.
أما عقد الوكالة فإنه عقد جائز، وكذلك عقد الشركة بأنواعها هو عقد جائز، وعقد المساقاة وعقد المزارعة عقد جائز؛ يجوز لكل من المتعاقدين فسخه؛ وذلك لأنه شبيه بالمصالحة، إلا أن عقد المزارعة والمساقاة فيه خلاف، حيث هناك من يلزم الوفاء به، وذلك لأنه قد يترتب على فسخه ضرر على أحد المتعاقدين، كما إذا زارعه على هذه الأرض وبعدما زرعها واخضر الزرع طرده المالك، وقال: لا حق لك، فإنه في هذه الحال يتضرر، ولكنهم يقولون: له أجرة مثله والزرع للمالك، وكذلك إذا طرده في الثمر له أجرة مثله، والثمر للمالك لأنه عين ماله.
وأما الصلح فإنه إذا تم فإنه يصبح عقدا لازما، فلا يستطيع أحدهما أن يفسخه.
فاللازم هو الذي إذا تم لا يمكن فسخه كالنكاح، وأما الجائز فهو الذي يمكن لكل منهما فسخه كالوكالة.

line-bottom