إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
322419 مشاهدة print word pdf
line-top
اللبث في المسجد

قوله: أو [واللبث في المسجد] لقوله -صلى الله عليه وسلم- لا أحل المسجد لجنب، ولا حائض رواه أبو داود .
[وكذا المرور فيه إن خافت تلويثه] فإن أمنت تلويثه لم يحرم، لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة ناوليني الخمرة من المسجد فقالت: إني حائض فقال: إن حيضتك ليست في يدك رواه الجماعة، إلا البخاري .


الشرح: وهذا- أيضا - مما يحرم على الحائض فعله، وهو لبثها في المسجد، واللبث هو أن تمكث في المسجد، سواء لحاجة أم لغير حاجة، وذلك لملابستها للنجاسة المستمرة معها بخروج دم الحيض، والمساجد مما أمر الله بتطهيرها عن النجاسات لأنها محل لعبادته تعالى ، قال سبحانه: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ .
ودليل هذه المسألة قوله كله في الحديث الذي ذكره الشارح، ونصه عن عائشة قالت: جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، ثم دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن ينزل فيهم رخصة، فخرج إليهم بعد فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب فهذا الحديث يدل على عدم جواز لبث الحائض في المسجد وهو وإن ضعفه بعض العلماء فقد صححه آخرون كابن خزيمة و الشوكاني ومما يشهد لهذا قوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة لما حاضت في حجة الوداع افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت لأن الطواف يلزم منه دخول المسجد. وهكذا يشهد له أمره -صلى الله عليه وسلم- للحيض أن يخرجن مع الناس يوم العيد ليشهدن الخير ودعوة المسلمين مع اعتزالهن المصلى .
ومما يحرم على الحائض- أيضا - مرورها في المسجد إذا خافت تلويثه بدم الحيض، أما إذا أمنت من ذلك بأن كانت متحفظة، فلا بأس من المرور فيه إذا احتاجت لذلك للحديث الذي ذكره الشارح عن عائشة - رضي الله عنها- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لها: ناوليني الخمرة من المسجد فقالت: إني حائض. فقال -صلى الله عليه وسلم- إن حيضتك ليست في يدك وعن ميمونة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل على إحدانا وهي حائض فيضع رأسه في حجرها فيقرأ القرآن وهي حائض، فتقوم إحدانا بخمرته فتضعها في المسجد وهي حائض رواه أحمد ففي هذين الحديثين دليل على جواز دخول المرأة الحائض المسجد ومرورها فيه لحاجة تعرض لها إذا أمنت تلويثه. أما المكث فيه والجلوس فلا- كما سبق بيانه-.
ومما يشهد لهذا- أيضا - قول عائشة - رضي الله عنها- إني حائض فكأنه قد كان متقررا عندهم أن الحائض لا يجوز لها أن تدخل المسجد، فبين لها -صلى الله عليه وسلم- أن النهي خاص بالمكث فيه، لا بالمرور أو الدخول لحاجة.

line-bottom