يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
322134 مشاهدة print word pdf
line-top
الماء النجس

قوله: [الثالث: نجس يحرم استعماله إلا للضرورة، ولا يرفع الحدث، ولا يزيل الخبث وهو ما وقعت فيه نجاسة وهو قليل] لحديث ابن عمر قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض، وما ينوبه من السباع والدواب فقال إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث رواه الخمسة وفي لفظ ابن ماجه و أحمد لم ينجسه شيء يدل على أن ما لم يبلغهما ينجس.
وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات متفق عليه يدل على نجاسة من غير تغير؛ ولأن الماء اليسير يمكن حفظه في الأوعية، فلم يعف عنه. قاله في الكافي .
وحمل حديث بئر بضاعة على الكثير جمعا بين الكل. قاله في المنتقى.
[ أو كان كثيرا وتغير بها أحد أوصافه] قال في الكافي
بغير خلاف. وقالت في الشرح حكاه ابن المنذر إجماعا.


الشرح: بين المؤلف هنا القسم الثالث من أقسام الماء وهو النجس (وهو ما وقعت فيه نجاسة وهو قليل) لحديث القلتين، ففيه دليل على أن النجاسة لو وقعت في ما فوق القلتين لم تنجسه إلا إذا تغيرت إحدى صفاته، أو كانت بول آدمي أو عذرته ولم يشق نزحه.
أما الماء القليل- وهو ما دون القلتين- فإنه ينجس بمجرد وقوع النجاسة فيه ولو لم تغير شيئا من صفاته، سواء كانت هذه النجاسة بول آدمي أو عذرته أو غير ذلك، وهذا هو المذهب عند المتقدمين فلو كان عندنا ماء يبلغ قلة واحدة فسقط فيه روث حمار ولم يغيره، فإن هذا الماء ينجس بمجرد ملاقاته للنجاسة (وهي روث الحمار)؛ لأنه دون القلتين.
وذهب بعض العلماء- وهو المذهب عند المتأخرين- إلى أن الماء إذا بلغ قلتين لم ينجس إلا بالتغير دون فرق بين بول الآدمي وعذرته، وبين غيرها من النجاسات، فالجميع سواء، أما إذا لم يبلغ القلتين فإنه ينجس بمجرد ملاقاته للنجاسة، ودليلهم هو حديث القلتين السابق.
والقول الصحيح في هذه المسألة- وهو اختيار شيخ الإسلام - أن الماء لا ينجس إلا بالتغير سواء بلغ القلتين أم لم يبلغهما، لقوله -صلى الله عليه وسلم- الماء طهور لا ينجسه شيء ويستثنى من هذا ما تغير بالنجاسة فإنه نجس بالإجماع، وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباع والكلاب والمحمر وعن الطهارة بها، فقال: لها ما حملت في بطونها ولنا ما غبر طهور ولم يفرق بين القليل والكثير.
وأما حديث القلتين فقد اختلف العلماء في تصحيحه وتضعيفه، فمن قال بأنه ضعيف فلا معارضة بينه وبين حديث إن الماء طهور لا ينجسه شيء لأن الضعيف لا تقوم به حجة.
وعلى القول بأنه صحيح، يقال بأن له منطوقا ومفهوما، فمنطوقه أن الماء إذا بلغ القلتين لم ينجس وليس هذا على عمومه- كما سبق- لأنه يستثنى منه ما إذا تغير بالنجاسة، فإنه يكون نجسا بالإجماع، ومفهومه: أن ما دون القلتين ينجس، فنقول: ينجس إذا تغير بالنجاسة، لأن منطوق حديث الماء طهور لا ينجسه شيء مقدم على هذا المفهوم؛ لأن المفهوم يصدق بصورة واحدة وهي هنا صادقة فيما إذا تغير، وقد تقدم ترجيح القول بأن الماء قسمان: طهور ونجس، وأن الحد الفاصل بينهما هو التغير بالنجاسة، وأنه لا فرق بين القليل والكثير، فعلى هذا يقال بأن دلالة حديث القلتين دلالة مفهوم، ودلالة حديث بئر بضاعة دلالة منطوق، وهو مقدم على المفهوم، وإن كان عمومه مخصوصة بما إذا لم تتغير أوصافه بالنجاسة.

line-bottom