الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
321732 مشاهدة print word pdf
line-top
استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء بلا حائل حالة قضاء الحاجة

قوله: [ويحرم استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء بلا حائل] لقول أبي أيوب: قال رسوله الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا. قال أبو أيوب : فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض قد بينت نحو الكعبة، ننحرف عنها، ونستغفر الله متفق عليه .


الشرح: ذكر الشارح حديث أبي أيوب دليلا على اختيار المؤلف، مع أن أبا أيوب كما في الحديث يرى عموم النهي، سواء في الصحراء أم في البنيان، لأنه كان ينحرف عن القبلة قليلا في البنيان ويستغفر الله، وهذا لفهمه العموم من النهي.
ولعل ما يشهد لاختيار المؤلف هو حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- لما رقى على بيت أخته حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فوجد النبي -صلى الله عليه وسلم- على حاجته مستقبل الشام فهو -رضي الله عنه- ما رآه إلا بعدما رقى، فدل هذا على أن بينه وبين القبلة سترة، وهو البناء.
ومما يستدل به لهم- أيضا- حديث جابر - رضي الله عنه- نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها وحمل هذا على أنه استقبلها بحائل.
ومما استدلوا به أيضا: حديث عائشة - رضي الله عنها- وفيه أن أناسة كانوا يكرهون أن يستقبلوا القبلة بفروجهم، فقال -صلى الله عليه وسلم- أو قد فعلوه؟ حولوا مقعدتي إلى القبلة ولكن ليس فيه دلالة على أنه حالة قضاء الحاجة، فلعله أراد الجلوس، أو نحو ذلك.
وقد ذهب شيخ الإسلام وتبعه الشوكاني في (النيل) و المباركفوري في (تحفة الأحوذي) إلى أنه لا يجوز استقبال القبلة أو استدبارها مطلقا، سواء في البنيان أم في الصحراء، واستدلوا بالأحاديث القولية الصريحة، كحديث أبي أيوب و حديث سلمان وأحاديث أخرى صريحة، وليس فيها التفريق بين البنيان والصحراء.
وأما حديث ابن عمر فلعله خاصة بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لأن أحاديث الفعل تحتمل الخصوصية.
وأما حديث جابر ففيه ضعف.

line-bottom