عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
321685 مشاهدة print word pdf
line-top
ماء لا يكره استعماله ومنه ماء البحر

قوله: [وماء لا يكره استعماله كماء البحر] لما تقدم.


الشرح: ذكر المؤلف هنا النوع الرابع من أنواع الماء الطهور، وهو ما لا يكره استعماله، وأول ذلك: ماء البحر لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن سأله عنه هو الطهور ماؤه الحل ميتته وهو حديث تلقته الأمة يالقبول، وتداوله الفقهاء في مصنفاتهم، ورواه الأئمة في كتبهم، وقد ذهب الصحابيان الجليلان عبد الله بن عمر و عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- إلى كراهية الوضوء بماء البحر، وقال: التيمم أعجب إلينا من التوضئ بماء البحر، وقال ابن عمرو هو نار، وقد روي عن ابن عمرو حديث مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: تحت البحر نار، وتحت النار بحر، حتى عد سبعة وسبعة ولكن هذا حديث ضعيف باتفاق المحدثين كما قال النووي فالصواب إذا جواز الوضوء بماء البحر للأدلة السابقة ولضعف ما يعارضها، وقد قال عمر -رضي الله عنه- (من لم يطهره ماء البحر فلا طهره الله) وماء البحر ماء باق على أصل خلقته، فهو كالماء العذب، وأما تعليلهم بأنه نار فنقول: إن أريد أنه نار الآن، فهذا خلاف الحس، لأننا لا نبصر إلا ماء، وإن أريد بأنه يصير نارا، فهذا لا يمنع الوضوء به حال كونه ماء، وقد علمنا أن الحديث الذي فيه أن ماء البحر نار حديث ضعيف بالاتفاق، والذي جاء في القرآن أن البحار تكون نارا يوم القيامة، كما في قوله تعالى: وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ وقوله: وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وهذا لا يمنع الطهارة منها حال كونها ماء في الدنيا- كما علم-.

line-bottom