شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شفاء العليل شرح منار السبيل
203736 مشاهدة
أن يمسح وجهه بباطن أصابعه وكفيه براحتيه

قوله: [فيمسح وجهه بباطن أصابعه وكفيه براحتيه] إن اكتفى بضربة واحدة، وإن كان بضربتين مسح بأولاهما وجهه، وبالثانية يديه.


الشرح: إذا ضرب المتيمم الأرض بيديه ضربة واحدة - وهو الصحيح- فإنه يمسح وجهه بباطن يديه، ثم يمسح كفيه بيديه أيضا، يمسح ظاهر اليد اليمنى بباطن يده اليسرى، وظاهر يده اليسرى بباطن يده اليمنى.
وأما قول المؤلف (يمسح وجهه بباطن أصابعه) علة هذا أنه لو مسح وجهه بباطن يده كلها، ثم أراد أن يمسح كفيه كان التراب الذي على يديه قد استعمل في طهارة واجبة، فيكون طاهرا غير مطهر، قياسا على تقسيمهم الماء إلى (طهور وطاهر ونجس)، وأن من أنواع الماء: الطاهر غير المطهر وهو الذي استعمل في طهارة واجبة.
قالوا: فهذا التراب الباقي على يديه بعد مسح وجهه قد أصبح طاهرا؛ لأنه قد استعمل في طهارة واجبة، فلهذا لا يمسح به كفيه، ولهذا استحبوا أن يمسح وجهه بباطن أصابعه، ثم يمسح ظاهر كفيه براحتيه، لئلا يستعمل التراب الواحد مرتين.
ولكن هذا التعليل ضعيف؛ لأنه مبني على اختيار ضعيف، وهو قولهم بأن الماء- ومثله التراب عندهم- ينقسم إلى (طهور وطاهر ونجس)، وقد عرفنا أن الصواب في هذا أن الماء- وكذا التراب- قسمان: طهور ونجس، فالصواب في هذه المسألة أنه يمسح وجهه وكذا كفيه بباطن يديه كلها، ومما يشهد لهذا ما جاء في حديث عمار أنه -صلى الله عليه وسلم- مسح وجهه بيديه ولم يفصل في هذا تفصيل الفقهاء- رحمهم الله-.
وأما قول الشارح (وإن كان بضربتين مسح بأولاهما وجهه وبالثانية يديه) فقد عرفنا أن الأحاديث الواردة، في الضربتين ضعيفة، فلهذا يكتفي المسلم في تيممه بضربة واحدة للوجه واليدين- كما سبق بيانه- ولا ينكر عليه إذا كرر الضرب لفعل بعض الصحابة.