إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
شفاء العليل شرح منار السبيل
203871 مشاهدة
الماء الطهور المكروه استعماله ومنه الماء المتغير بشيء طاهر لا يمازجه

قوله: [ أو بما لا يمازجه، كتغيره بالعود القماري، وقطع الكافور والدهن] على اختلاف أنواعه؛ لأنه تغير عن مجاوره لأنه لا يمازح الماء، وكراهته خروجا من الخلاف قال في الشرح: وفي معناه ما تغير بالقطران والزفت والشمع؛ لأن فيه دهنية يتغير بها الماء .


الشرح: أي يكره استعمال الماء في الطهارة إذا تغير بشيء طاهر لا يمازجه كما إذا تغير بقطع من الكافور، أو العود القماري، أو الدهن بأنواعه، فهذه الأشياء لا تمازج الماء، أي لا تخالطه وتذوب فيه، بل تغييرها له يكون عن مجاورة لا عن ممازجة، وكراهية هذا الماء لأجل الخلاف في سلبه الطهورية؛ لأن بعض العلماء قد ذهب إلى أنه طاهر غير مطهر، وقد علمنا أن التعليل بالخلاف لا يصح.
وقوله (قماري)- بفتح القاف- صفة لعود، وهي نسبة إلى بلدة بالهند تسمى (قمار)، وشجره يشبه شجر الخوخ، وقد جاء في الحديث الصحيح عليكم بالعود الهندي .
قال ابن القيم (العود نوعان: أحدهما يستعمل في الأدوية وهو الكست ويقال له القسط، والثاني يستعمل في الطيب ويقال له: الألوة، وهو أنواع: أجودها الهندي، ثم الصيني، ثم القماري ..) .
وأما الكافور فهو طيب معروف يستخرج من شجر كبار من جبال بحر الهند والصين وغيرهما، وهو أبيض شفاف قليل الذوبان في الماء.
وقوله: (والدهن على اختلاف أنواعه) أي سواء كان دهن الحيوانات أو دهن الأشجار، فهذا الدهن إذا صب في الماء لم يختلط به، بل يطفو في أعلاه، فيمكن تخليصه من الماء بواسطة نزحه منه، فيبقى الماء بعده صافيا.
والقطران- بفتح القاف وكسر الطاء- عصارة الأبهل والأرز ونحوهما فيتحلل منه، والمراد ما لا يمازج منه، وأما الذي يمازج فإنه يسلب الماء طهوريته.
وقوله: الزفت- بكسر الزاي- هو القار المعروف.
فالحاصل أن الماء إذا تغير بهذه الأشياء السابقة التي لا تمازجه فإنه يكره استعماله في الطهارة- على رأي المؤلف- لأجل الخلاف في سلب تلكم الأشياء لطهوريته، ولكن الصحيح- كما سبق- أنه لا يكره استعماله لعدم وجود دليل على ذلك، بل الماء باق على طهوريته، ويجوز استعماله في الطهارة، والخلاف إذا كان مخالفا لسنة صحيحة فإنه لا يستحب الخروج منه.