لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
203936 مشاهدة
حد النفاس

قوله: [ والنفاس لا حد لأقله ] لأنه لم يرد تحديده فرجع فيه إلى الوجود. وقد وجد قليلا وكثيرا، وروي أن امرأة ولدت على عهده -صلى الله عليه وسلم- فلم تر دما فسميت ذات الجفوف .


الشرح: النفاس تابع للحيض، وهو مشتق من التنفس، الذي هو خروج النفس، وذلك لأن المرأة بخروج المولود منها يقال لها نفست.
وقد ورد في السنة تسمية الحيض نفاسا، وذلك لما حاضت عائشة مرة قال لها النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلك نفست فأطلق على الحيض نفاسا، لاشتراكهما في خروج الدم.
والنفاس في اصطلاح الفقهاء، هو الدم الذي يخرج من المرأة بعد الولادة، أو معها.
وهذا الدم لا يتحمله كله الجنين، فيبقى بعضه يحتقن في الرحم ولا يخرج، فإذا ولدت المرأة خرج بعد الولادة، وسمي دم نفاس، وهو يخرج متتابعا كخروج دم الحيض.
وقد اختلف العلماء في أقله، والصحيح أنه لا حد لأقله، فقد وجد من النساء من لا يخرج منها دم بعد الولادة كما ذكر الشارح، وهذه قد يكون دمها ضعيفا في حال الصحة، وفي حال الحيض، فانصرف كله غذاء لحملها، فلم يبق منه شيء فاضل، فلما ولدت لم يخرج منها دم أصلا.
وقد روي أن عائشة رأت امرأة ولدت فلم تر دما، فقالت لها عائشة أنت امرأة طهرك الله .
وقد ذكر بعضهم حكاية فكاهية وهي أن امرأة كانت ضعيفة العقل، وكانت ضرة لامرأة أخرى ذات عقل ومعرفة، وهذه السقيمة كانت حبلى، فلما ذهبت تتبول وضعت ولدها حال جلوسها ولم تشعر أنه مولود، فرجعت إلى ضرتها فقالت لها: أي عمتاه: هل البعر يفتح فاه؟
فقالت: نعم يفتح فاه، ويدعو أباه !!
فذهبت المرأة العاقلة إلى المولود وأخذته، وغذته ونسبته إلى نفسها، وكان زوجها غائبا، فلم تعترف به للأولى التي ولدته.
والشاهد أن أمه لم تر دما، ولم تشعر أنه قد ولد منها، فهذا يدل على أنه قد يوجد من النساء من لا يخرج منها دم بعد الولادة، وأن السبب هو ضعف بنيتها في حالة الصحة، وقلة دمها الذي ينصرف كله غذاء للجنين- كما مضى-.
ومنهن من يبقى معها دم يستمر يوما أو يومين، أو خمسة، أو أسبوعا، أو أقل، أو أكثر، فلا حد لأقله.