القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
203719 مشاهدة
حكم النفاس إذا وضعت المرأة ما قد تبين فيه خلق الإنسان

قوله: [ويثبت حكمه بوضع ما يتبين فيه خلق إنسان] ولو خفيا، وأقل ما يتبين فيه إحدى وثمانون يوما . وغالبه ثلاثة أشهر. قاله المجد و ابن تميم و ابن حمدان وغيرهم .


الشرح: يثبت حكم النفاس إذا وضعت المرأة ما قد تبين فيه خلق الإنسان
والمرأة كما هو معلوم قد تسقط حملها، إما بأن تحمل شيئا ثقيلا فيسقط الذي في بطنها، وإما أن تذهب إلى الأطباء ثم يخرجون ما انعقد في بطنها من الجنين، وهو ما يسمى بالتنظيف.
فنقول: إذا كان ذلك الجنين الذي خرج قد تبين فيه خلق الإنسان، فإن الدم الذي يكون بعده دم نفاس، فتترك له الصلاة ولو وصل إلى الأربعين.
فإن لم يتميز فيما خرج خلق الإنسان، وإنما كان مضغة أو لحما متجمدا، ولم يتبين فيه تفاصيل خلق الإنسان، فلا حكم لذلك، بل نعتبره حيضا أو دم فساد.
وقد اختلف في أقل مدة يتبين فيها خلق الإنسان، فاختار الشارح هنا أن أقله أحد وثمانون يوما ، يعني ثلاثة أشهر إلا تسعة أيام.
وحجة هذا القول الحديث المشهور الذي رواه ابن مسعود، وفيه إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن خلق الإنسان في بطن أمه يكون أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك .
فابتداء المضغة يكون في اليوم الحادي والثمانين؛ لأن الثمانين الأولى تكون نطفة ثم علقة.
ثم في الأربعين الثالثة أو بعد تمامها ينفخ فيه الروح، فتبدأ فيه الحركة، فمن اعتبر أن اليوم الحادي والثمانين هو مبدأ التكوين الثالث،وهو انتقاله من كونه علقة إلى كونه مضغة، والمضغة بلا شك يبدأ فيها التكوين، فإنه إذا وضع في تلك الحال اعتبر له حكم المولود.
ومنهم من قال بأنه في هذه المدة لم يتم تكوينه، ولا يتم إلا بعد تمام الأربعين الثالثة التي هي تمام أربعة أشهر، واعتبر ما قبل ذلك غير متخلق.
لكننا نشاهد أن المرأة قد تضع بعد ثلاثة أشهر أو نحوها ما قد يتبين فيه خلق الإنسان، ولو لم يكن عرضه إلا كعرض الإصبع أو الإصبعين.
فيتبين فيه صورة الرأس ، وصورة تفاصيل القدمين، وإن كانتا لم تزالا مشتبكتين.
فإذا تبين في المولود خلق الإنسان فإن دمها النازل بعده يعتبر دم نفاس، فتجلس مدته.
أما إذا سقط قبل أن يتبين فيه خلق الإنسان، أي قبل تمام الأربعين الثانية، فلا تعتبره دم نفاس.