من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شفاء العليل شرح منار السبيل
203767 مشاهدة
أراق الماء أو مر به وأمكنه الوضوء ويعلم أنه لا يجد غيره

قوله: [ ومن في الوقت أراق الماء، أو مر به وأمكنه الوضوء ويعلم أنه لا يجد غيره حرم ] لتفريطه.
[ ثم إن تيمم وصلى لم يعد ] في أحد الوجهين، والثاني يعيد؛ لأنه مفرط. قاله في الشرح ومن خرج من المصر إلى أرض من أعماله، كالحطاب، ممن لا يمكنه حمل الماء معه لوضوئه، ولا يمكنه الرجوع ليتوضأ إلا بتفويت حاجته، صلى بالتيمم ولا إعادة، قاله في الشرح .


الشرح: صورة هذا أن يكون معه ماء وبعد دخول وقت الصلاة عليه أراق هذا الماء فإنه في هذه الحال يعتبر عاصيا، ويحرم عليه التيمم؛ لأنه مفرط بإضاعته للماء، ولكن إن تيمم صحت صلاته بالتيمم ولا إعادة عليه، وهكذا مثله من مر بالماء بعد دخول الوقت وهو يعلم أنه لا يجد في طريقه غيره فإنه يعد عاصيا لتفريطه، فإن صلى بالتيمم فلا إعادة عليه.
وذهب جماعة من العلماء إلى أنه في الصورتين السابقتين يعيد الصلاة إذا وجد الماء لتفريطه، والصواب أنه لا يعيد.
وأما قول الشارح (ومن خرج من المصر إلى أرض من أعماله... إلخ) صورة هذا: إذا خرج إنسان إلى موضع قريب لا احتشاش، أو احتطاب، أو صيد، وكان راجلا أو على حمار ونحوه، فإنه يصعب عليه حمل الماء لقرب المكان، وعزمه على الرجوع في يومه، ولمشقة حمل الماء معه، ففي هذه الحال يباح له التيمم لمشقة الرجوع والبعد غالبا، ويتصور هذا في الزمن القديم، أما في هذه الأزمنة فقد تقاربت الأماكن بوجود السيارات، فلا عذر له في ترك الماء، ولا في الذهاب لاجتلابه، لسهولة الوصول إليه غالبا قبل خروج الوقت بواسطة السيارات ونحوها.