القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
شفاء العليل شرح منار السبيل
203854 مشاهدة
الماء الطاهر القليل إذا غمست فيه يد مكلف بعد قيامه من نوم ليل

قوله: [ أو انغمست فيه كل يد المسلم المكلف، النائم ليلا نوما ينقض الوضوء قبل غسلها ثلاثا، بنية، وتسمية، وذلك واجب] لقوله -صلى الله عليه وسلم- إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده رواه مسلم . ويفتقر للنية لحديث عمر إنما الأعمال بالنيات وللتسمية قياسا على الوضوء. قاله أبو الخطاب


الشرح: أي ومن الماء الطاهر ما كان قليلا وانغمست فيه يد المسلم المكلف النائم ليلا نومة ينقض الوضوء قبل غسلها ثلاثة، والمراد باليد هنا إلى الرسغ- وهو مفصل الكف من الذراع- فلو قام رجل من نوم ليل وعنده قدر فيه ماء فغمس يده فيه إلى حد الذراع، قبل أن يغسلها ثلاثا فإن الماء يكون طاهرا لا طهورا، لقوله -صلى الله عليه وسلم- إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده رواه مسلم
وقد قيدوا هذا بنوم الليل لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث السابق فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده والبيات يكون في الليل لا النهار، قال تعالى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ويؤخذ مما سبق أنه لو غمس يده في ماء كثير لبقي الماء على طهوريته، وهكذا لو غمس فيه رجله لا يده، وهكذا لو غمس الكافر أو المجنون أو الصغير يده فيه لتقييده ذلك بقوله: (المسلم المكلف)، وهكذا لو غمس يده بعد نوم طويل في النهار، فإن الماء يبقى على طهوريته.
هذا ما يلزم من كلام المؤلف.
والصواب في هذه المسألة أن الحديث ينهى الإنسان المكلف عن غمس يده في الماء القليل بعد قيامه من نوم الليل، ولم يتعرض الحديث لحكم الماء، بل إن قوله -صلى الله عليه وسلم- فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده دليل على أن الماء باب على طهوريته؛ لأنها الأصل المتيقن، واليقين لا يرفعه إلا يقين مثله، فلا يرتفع بمجرد الاحتمالات.
فالصواب إذا أن الماء الطهور القليل إذا غمست فيه يد مكلف بعد قيامه من نوم ليل وقبل أن يغسلها ثلاثا أن هذا الماء باق على طهوريته، لعدم الدليل على أن هذا الغمس يسلبه الطهورية، لكن يأثم الغامس لأجل مخالفته لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- السابق، حيث غمس يده في الإناء قبل أن يغسلها ثلاثا.
وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- العلة في هذا النهي بقوله: فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده أي أن هذه اليد ربما تقع على مكان قذر من الجسد، أو تعبث بنجاسة، أو نحو ذلك، وقد قال-صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر: إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاثا، فإن الشيطان يبيت على خيشومه فلعل الشيطان قد عبث بيد هذا النائم وحمل إليها أشياء مضرة للإنسان، أو مفسدة للماء.
وذهب كثير من الفقهاء إلى أن العلة في النهي غير معلومة بل هي تعبدية؛ لأن الإنسان أحيانا قد يعلم أين باتت يده، كما إذا وضعها في قفاز أو نحو ذلك، فهو يعلم أنها لم تمس شيئا نجسة؛ فلهذا قال الفقهاء بأن العلة تعبدية، أي غير معلومة لنا.
وذكر شيخ الإسلام- رحمه الله- علة ثالثة لهذا النهي، وهي أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد قال- كما سبق- إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاثا، فإن الشيطان يبيت على خيشومه فيكون نهيه -صلى الله عليه وسلم- أن يغمس الإنسان يده في الإناء، قبل غسلها ثلاثة من هذا الباب، أي خشية ملامسة يده للشيطان، والله أعلم .
فالحاصل أن القائم من نوم ليل يجب عليه أن يغسل يده ثلاثا، قبل أن يدخلها في الإناء الذي يريد الوضوء منه بعد النية والتسمية كما سيأتي في باب الوضوء- إن شاء الله-.