من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شفاء العليل شرح منار السبيل
203839 مشاهدة
مجاوزة محل الفرض

قوله: [ومجاوزة محل الفرض] لأن أبا هريرة توضأ فغسل يده حتى أشرع في العضد، ورجله حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ وقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله .


الشرح: عرفنا- فيما مضى- حد الفرض في كل عضو من أعضاء الوضوء وقد استحب العلماء مجاوزته لحديث أبي هريرة السابق، وهذه المجاوزة لا يمكن أن تحصل إلا في عضوين من أعضاء الوضوء وهما اليدان والرجلان، فيغسل المتوضئ يديه إلى أن يجاوز المرفقين ويشرع في العضد، ويغسل رجليه فيجاوز الكعبين إلى شيء من الساق، ودليل ذلك الحديث السابق، وحديث تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء .
وذهب بعض العلماء- كشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم - إلى عدم استحباب ذلك لكي لا يتعدى بوضوئه ما حد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- قال شيخ الإسلام: (ولا يستحب إطالة الغرة، وهو مذهب مالك ورواية عن أحمد ) وقال ابن القيم (أما حديث أبي هريرة في صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه غسل يديه حتى أشرع في العضدين، ورجليه حتى أشرع في الساقين، فهو إنما يدل على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء، ولا يدل على مسألة الإطالة) واختار هذا القول الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله- .
ومما يشهد لهذا القول أنه -صلى الله عليه وسلم- قد قال إن الله حد حدودا فلا تعتدوها والله سبحانه قد حد المرفقين والكعبين حدا في الوضوء فلا ينبغي تعديهما، ولأن هذا من الغلو، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- إياكم والغلو في الدين .
وأما حديث أبي هريرة فإن قوله: فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل فقد قال نعيم بن المجمر لا أدري قوله فمن استطاع... من قوله رسوله الله -صلى الله عليه وسلم- أو من قول أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وأما حديث الحلية فالحلية المزينة هي ما كان محله، فإذا جاوز محله لم يكن زينة، فالصواب الاقتصار على ما حد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.