تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شفاء العليل شرح منار السبيل
203911 مشاهدة
أن يتولى الرجل وضوءه بنفسه من غير معاون

قوله: [وأن يتولى وضوءه بنفسه من غير معاون] روي عن أحمد أنه قال: ما أحب أن يعينني على وضوئي أحد لأن عمر قال ذلك. ولا بأس بها لحديث المغيرة أنه أفرغ على النبي -صلى الله عليه وسلم- في وضوئه رواه مسلم . وقول عائشة كنا نعد له طهوره وسواكه .


الشرح: معاونة المتوضئ مباحة بأن يقرب له ماءه، أو يصب عليه، وهذا لا يحتاج لدليل لأنه الأصل، وقد دل على ذلك أدلة، منها حديث أسامة أنه صب على النبي -صلى الله عليه وسلم- في وضوئه في حجة الوداع بعد دفعه من عرفة بينها وبين المزدلفة ومنها حديث المغيرة أنه صب عليه -صلى الله عليه وسلم- في وضوئه ذات ليلة في غزوة تبوك وغيرها من الأحاديث المشابهة.
وذهب بعض العلماء إلى كراهية هذا؛ لأن الوضوء عبادة فلا ينبغي أن يستعين الإنسان فيها بغيره، ولحديث إنا لا نستعين على الوضوء بأحد .
والصواب جواز ذلك وأنه من باب التعاون على البر والتقوى لاسيما عند الحاجة، وأما الحديث السابق فهو حديث باطل لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- .
وكما تباح معاونة المتوضئ فإنه يتاح له تنشيف أعضائه بعد الوضوء لحديث قيس بن سعد - رضي الله عنهما- قال: أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوضعنا له غسلا فاغتسل، ثم أتيناه بملحفة ورسيه فالتحف بها، فكأني أنظر إلى أثر الورس في عكنه وكذا حديث سلمان - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ فقلب جبة صوف كانت عليه فمسح بها وجهه .
وأما حديث ميمونة في وصف اغتسال النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: أتيته بالمنديل فلم يمسه، وجعل يقول بالماء هكذا- يعني ينفضه- رواه مسلم فهذا الحديث لا يدل على عدم جواز التنشيف؛ لأنه قضية عين، فيحتمل أنه رد المنديل لسبب فيه، أو لعدم نظافته، أو أنه يخشى أن يبله بالماء، أو نحو ذلك، بل قد يقال بأن إتيانها- رضي الله عنها- بالمنديل دليل على أنه -صلى الله عليه وسلم- كان من عادته تنشيف أعضائه بعد الوضوء أو الغسل.
والأفضل أن يقال: الأولى ترك التنشيف لحديث ميمونة السابق إلا إذا احتاج إليه، قال ابن القيم (لم يكن -صلى الله عليه وسلم- يعتاد تنشيف أعضائه بعد الوضوء) .